أصابتهم لعنتان في الدنيا، رفدت إحداهما الأخرى، وهو قوله: ويوم القيامة بئس الرفد المرفود. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): هذا القصص الذي ذكرنا لك في هذه السورة، والنبأ الذي أنبأناكه فيها من أخبار القرى التي أهلكنا أهلها بكفرهم بالله، وتكذيبهم رسله، نقصه عليك فنخبرك به. منها قائم يقول: منها بنيانه بائد بأهله هالك ومنها قائم بنيانه عامر، ومنها حصيد بنيانه خراب متداع، قد تعفى أثره دارس، من قولهم: زرع حصيد:
إذا كان قد استؤصل قطعه، وإنما هو محصود، ولكنه صرف إلى فعيل كما قد بينا في نظائره.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد يعني بالقائم: قرى عامرة. والحصيد: قرى خامدة.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: قائم وحصيد قال: قائم على عروشها، وحصيد: مستأصلة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: منها قائم يرى مكانه، وحصيد لا يرى له أثر.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
منها قائم قال: خاو على عروشه، وحصيد: ملزق بالأرض.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبيد الله، عن سفيان، عن الأعمش: منها قائم وحصيد قال: خر بنيانه.
حدثنا الحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش: منها قائم وحصيد قال: الحصيد: ما قد خر بنيانه.