هذا، لمعرفة المخاطبين بمعناه، والمراد منه: إلا قليلا مما تحصنون، يقول: إلا يسيرا مما تحرزونه. والاحصان: التصيير في الحصن وإنما المراد منه: الاحراز.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: يأكلن ما قدمتم لهن يقول يأكلن ما كنتم اتخذتم فيهن من القوت، إلا قليلا مما تحصنون.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتاد: ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد وهن الجدوب المحول، يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد وهن الجدوب، يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون: مما تدخرون.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، في قوله: إلا قليلا مما تحصنون يقول: تخزنون.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: تحصنون: تحرزون.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون قال: مما ترفعون.
وهذه الأقوال في قوله: تحصنون وإن اختلفت ألفاظ قائليها فيه، فإن معانيها متقاربة، وأصل الكلمة وتأويلها على ما بينت. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) *.
وهذا خبر من يوسف عليه السلام للقوم عما لم يكن في رؤيا ملكهم، ولكنه من علم الغيب الذي آتاه الله دلالة على نبوته وحجة على صدقة. كما:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: ثم زاده الله علم سنة لم يسألوه عنها، فقال: ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون.