وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أنه آتي يوسف لما بلغ أشده حكما وعلما. والأشد: هو انتهاء قوته وشبابه. وجائز أن يكون آتاه ذلك وهو ابن ثماني عشرة سنة، وجائز أن يكون آتاه وهو ابن عشرين سنة، وجائز أن يكون آتاه وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، ولا دلالة في كتاب الله ولا أثر عن الرسول (ص) ولا في إجماع الأمة على أي ذلك كان. وإذا لم يكن ذلك موجودا من الوجه الذي ذكرت، فالصواب أن يقال فيه كما قال عز وجل، حتى تثبت حجة بصحة ما قيل في ذلك من الوجه الذي يجب التسليم له فيسلم لها حينئذ.
وقوله: آتيناه حكما وعلما يقول تعالى ذكره: أعطيناه حينئذ الفهم والعلم. كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: حكما وعلما قال: العقل والعلم قبل النبوة.
وقوله: وكذلك نجزي المحسنين يقول تعالى ذكره: وكما جزيت يوسف فأتيته بطاعته إياي الحكم والعلم، ومكنته في الأرض، واستنقذته من أيدي إخوته الذين أرادوا قتله، كذلك نجزي من أحسن في عمله، فأطاعني في أمري وانتهى عما نهيته عنه من معاصي. وهذا وإن كان مخرج ظاهره على كل محسن، فإن المراد به محمد نبي الله (ص).
يقول له عز وجل: كما فعلت هذا بيوسف من بعد ما لقي من إخوته ما لقي وقاسى من البلاء ما قاسى، فمكنته في الأرض ووطأت له في البلاد، فكذلك أفعل بك فأنجيك من مشركي قومك الذين يقصدونك بالعداوة، وأمكن لك في الأرض وأؤتيك الحكم والعلم، لان ذلك جزائي أهل الاحسان في أمري ونهيي.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: وكذلك نجزي المحسنين يقول: المهتدين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون) *.
يقول تعالى ذكره: وراودت امرأة العزيز وهي التي كان يوسف فبيتها عن نفسه أن يواقعها. كما: