* (واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون) *.
يعني بقوله: واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب واتبعت دينهم لا دين أهل الشرك. ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ يقول: ما جاز لنا أن نجعل لله شريكا في عبادته وطاعته، بل الذي علينا إفراده بالألوهة والعبادة. ذلك من فضل الله علينا يقول:
اتباعي ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب على الاسلام، وتركي ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون، من فضل الله الذي تفضل به علينا، فأنعم إذ أكرمنا به. وعلى الناس يقول: وذلك أيضا من فضل الله على الناس، إذ أرسلنا إليهم دعاة إلى توحيده وطاعته. ولكن أكثر الناس لا يشكرون يقول: ولكن من يكفر بالله لا يشكر ذلك من فضله عليه، لأنه لا يعلم من أنعم به عليه ولا يعرف المتفضل به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ذلك من فضل الله علينا أن جعلنا أنبياء وعلى الناس يقول: أن بعثنا إليهم رسلا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ذكر لنا أن أبا الدرداء كان يقول: يا رب شاكر نعمة غير منعم عليه لا يدري، ورب حامل فقه غير فقيه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) *.
ذكر أن يوسف صلوات الله وسلامه عليه قال هذا القول للفتيين اللذين دخلا معه السجن، لان أحدهما كان مشركا، فدعاه بهذا القول إلى الاسلام وترك عبادة الآلهة والأوثان، فقال: يا صاحبي السجن يعني: يا من هو في السجن. وجعلهما صاحبيه لكونهما فيه، كما قال الله تعالى لسكان الجنة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون وكذلك قال لأهل النار، وسماهم أصحابها لكونهم فيها.