وقوله: إنا لنراها في ضلال مبين قلن: إنا لنرى امرأة العزيز في مراودتها فتاها عن نفسه وغلبة حبه عليها لفي خطأ من الفعل وجور عن قصد السبيل مبين لمن تأمله وعلمه أنه ضلال وخطأ غير صواب ولا سداد. وإنما كان قيلهن ما قلن من ذلك وتحدثهن بما تحدثن به من شأنها وشأن يوسف مكرا منهن فيما ذكر لتريهن يوسف. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكئا وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم) *.
يقول تعالى ذكره: فلما سمعت امرأة العزيز بمكر النسوة اللاتي قلن في المدينة ما ذكره الله عز وجل عنهن. وكان مكرهن ما:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن محمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: فلما سمعت بمكرهن يقول: بقولهن.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما أظهر النساء ذلك من قولهن: تراود عبدها مكرا بها لتريهن يوسف، وكان يوصف لهن بحسنه وجماله فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكئا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فلما سمعت بمكرهن: أي بحديثهن، أرسلت إليهن يقول: أرسلت إلى النسوة اللاتي تحدثن بشأنها وشأن يوسف.
وأعتدت أفعلت من العتاد، وهو العدة، ومعناه: أعدت لهن متكئا يعني مجلسا للطعام، ومايتكئن عليه من النمارق والوسائد، وهو مفتعل من قول القائل: اتكأت، يقال:
ألق له متكئا، يعني: ما يتكئ عليه.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن اليمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سيعد: وأعتدت لهن متكئا قال: طعاما وشرابا ومتكئا.