معدودة غير موزونة، ولم يحد مبلغ ذلك بوزن ولا عدد، ولا وضع عليه دلالة في كتاب ولا خبر من الرسول (ص). وقد يحتمل أن يكون كان عشرين، ويحتمل أن يكون كان اثنين وعشرين، وأن يكون كان أربعين، وأقل من ذلك وأكثر، وأي ذلك كان فإنها كانت معدودة غير موزونة وليس في العلم بمبلغ وزن ذلك فائدة تقع في دين ولا في الجهل به دخول ضر فيه، والايمان بظاهر التنزيل فرض، وما عداه فموضوع عنا تكلف علمه.
وقوله: وكانوا فيه من الزاهدين يقول تعالى ذكره: وكان إخوة يوسف في يوسف من الزاهدين، لا يعلمون كرامته عند الله، ولا يعرفون منزلته عنده، فهم مع ذلك يحبون أن يحولوا بينه وبين والده ليخلو لهم وجهه منه، ويقطعوه عن القرب منه لتكون المنافع التي كانت مصروفة إلى يوسف دونهم مصروفة إليهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن محمد، عن أبي مرزوق، عن جويبر، عن الضحاك: وكانوا فيه من الزاهدين قال: لم يعلموا بنبوته ومنزلته من الله.
حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك، في قوله: وجاءت سيارة فنزلت على الجب، فأرسلوا واردهم فاستقى من الماء فاستخرج يوسف، فاستبشروا بأنهم أصابوا غلاما لا يعلمون علمه ولا منزلته من ربه، فزهدوا فيه فباعوه وكان بيعه حراما، وباعوه بدراهم معدودة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني هشيم، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك: وكانوا فيه من الزاهدين قال إخوته زهدوا، فلم يعلموا منزلته من الله ونبوته ومكانه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: إخوته زهدوا فيه، لم يعلموا منزلته من الله عز وجل. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) *.