وأما قولهم لشعيب: إنك لانت الحليم الرشيد فإنهم أعداء الله قالوا ذلك له استهزاء به وإنما سفهوه وجهلوه بهذا الكلام. وبما قلنا من ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
إنك لانت الحليم الرشيد قال: يستهزءون.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
إنك لانت الحليم الرشيد المستهزؤون يستهزءون بأنك لانت الحليم الرشيد. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قال يقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) *.
يقول تعالى ذكره: قال شعيب لقومه: يا قوم أرأيتم إن كنت على بيان وبرهان من ربي فيما أدعوكم إليه من عبادة الله، والبراءة من عبادة الأوثان والأصنام، وفيما أنهاكم عنه من إفساد المال ورزقني منه رزقا حسنا يعني حلالا طيبا. وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه يقول: وما أريد أن أنهاكم عن أمر ثم أفعل خلافه، بل لا أفعل إلا بما آمركم به ولا أنتهي إلا عما أنهاكم عنه. كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه يقول: لم أكن لأنهاكم عن أمر أركبه أو آتيه.
إن أريد إلا الاصلاح يقول: ما أريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه، إلا إصلاحكم وإصلاح أمركم ما استطعت يقول: ما قدرت على إصلاحه لئلا ينالكم من الله عقوبة منكلة، بخلافكم أمره ومعصيتكم رسوله. وما توفيقي إلا بالله يقول: وما إصابتي الحق في محاولتي إصلاحكم وإصلاح أمركم إلا بالله، فإنه هو المعين على ذلك إن لا يعني عليه لم أصب الحق فيه.
وقوله: عليه توكلت يقول: إلى الله أفوض أمري، فإنه ثقتي وعليه اعتمادي في أموري. وقوله: وإليه أنيب وإليه أقبل بالطاعة وأرجع بالتوبة. كما: