* (أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا برئ مما تجرمون) *.
يقول تعالى ذكره: أيقول يا محمد هؤلاء المشركون من قومك: افترى محمد هذا القرآن؟ وهذا الخبر عن نوح. قل لهم: إن افتريته فتخرصته واختلقته فعلي إجرامي يقول: فعلي إثمي في افترائي ما افتريت على ربي دونكم، لا تؤاخذون بذنبي ولا إثمي ولا أؤاخذ بذنبكم. وأنا برئ مما تجرمون يقول: وأنا برئ مما تذنبون وتأثمون بربكم من افترائكم عليه، ويقال منه: أجرمت إجراما وجرمت أجرم جرما، كما قال الشاعر:
طريد عشيرة ورهين ذنب * بما جرمت يدي وجنى لساني القول في تأويل قوله تعالى:
* (وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون) *.
يقول تعالى ذكره: وأوحى الله إلى نوح لما حق على قومه القول، وأظلهم أمر الله، أنه لن يؤمن: يا نوح بالله فيوحده ويتبعك على ما تدعوه إليه من قومك إلا من قد آمن فصدق بذلك واتبعك. فلا تبتئس يقول: فلا تستكن ولا تحزن بما كانوا يفعلون، فإني مهلكهم ومنقذك منهم ومن اتبعك. وأوحي الله ذلك إليه بعد ما دعا عليهم نوح بالهلاك، فقال: رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا وهو تفتعل من البؤس، يقال: ابتأس فلان بالأمر يبتئس ابتئاسا، كما قال لبيد بن ربيعة:
في مأتم كنعاج صارة * يبتئسن بما لقينا