أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة. وأمم سنمتعهم يعني:
متاع الحياة الدنيا. ثم يمسهم منا عذاب أليم لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة.
حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد، عن حميد، عن الحسن: أنه كان إذا قرأ سورة هود، فأتى على: يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك حتى ختم الآية، قال الحسن: فأنجى الله نوحا والذين آمنوا، وهلك المتمتعون حتى ذكر الأنبياء، كل ذلك يقول: أنجاه الله وهلك المتمتعون.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم قال: بعد الرحمة حدثنا العباس بن الوليد، قال: أخبرني أبي، قال: أخبرنا عبد الله بن شوذب، قال: سمعت داود بن أبي هند يحدث عن الحسن أنه أتى على هذه الآية: اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم قال: فكان ذلك حين بعث الله عادا، فأرسل إليهم هودا، فصدقه مصدقون وكذبه مكذبون حتى جاء أمر الله فلما جاء أمر الله نجى الله هودا والذين آمنوا معه، وأهلك الله المتمتعين، ثم بعث الله ثمود، فبعث إليهم صالحا، فصدقه مصدقون وكذبه مكذبون، حتى جاء أمر الله فلما جاء أمر الله نجى الله صالحا والذين آمنوا معه وأهلك الله المتمتعين، ثم استقرأ الأنبياء نبيا نبيا على نحو من هذا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): هذه القصة التي أنبأتك بها من قصة نوح وخبره وخبر قومه من أنباء الغيب يقول: هي من أخبار الغيب التي لم تشهدها فتعلمها، نوحيها إليك يقول: نوحيها إليك نحن فنعرفكها، ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا الوحي الذي نوحيه إليك، فاصبر على القيام بأمر الله وتبليغ رسالته وما تلقى من مشركي قومك، كما صبر نوح. إن العاقبة للمتقين يقول: إن الخير من عواقب الأمور لمن اتقى الله فأدى فرائضه واجتنب معاصيه فهم الفائزون بما يؤملون من النعيم في الآخرة والظفر في الدنيا بالطلبة، كما كانت عاقبة نوح إذ صبر لأمر الله أن نجاه من الهلكة مع من آمن به وأعطاه في الآخرة ما أعطاه من الكرامة، وغرق المكذبين به فأهلكهم جميعهم.