فيغتسلون من إحداهما، فتجري عليهم نضرة النعيم، فلا تشعث أشعارهم ولا تغبر أبشارهم، ويشربون من الأخرى، فيخرج كل قذى وقذر، أو شئ في بطونهم. قال: ثم يفتح لهم باب الجنة، فيقال لهم: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين قال: فتستقبلهم الولدان، فيحفون بهم كما تحف الولدان بالحميم إذا جاء من غيبته. ثم يأتون فيبشرون أزواجهم، فيسمونهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، فيقلن: أنت رأيته؟ قال: فيستخفهن الفرح، قال: فيجئن حتى يقفن على أسكفة الباب. قال: فيجيئون فيدخلون، فإذا أس بيوتهم بجندل اللؤلؤ، وإذا صروح صفر وخضر وحمر ومن كل لون، وسرر مرفوعة، وأكواب موضوعة، ونمارق مصفوفة، وزرابي مبثوثة، فلولا أن الله قدرها لالتمعت أبصارهم مما يرون فيها. فيعانقون الأزواج، ويقعدون على السرر، ويقولون:
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق... الآية.
القول في تأويل قوله تعالى: لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات أنهم يقولون عند دخولهم الجنة ورؤيتهم كرامة الله التي أكرمهم بها، وهو أن أعداء الله في النار: والله لقد جاءتنا في الدنيا وهؤلاء الذين في النار رسل ربنا بالحق من الاخبار، عن وعد الله أهل طاعته والايمان به وبرسله ووعيده أهل معاصيه والكفر به.
وأما قوله: ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون فإن معناه: ونادى مناد هؤلاء الذين وصف الله صفتهم وأخبر عما أعد لهم من كرامته، أن يا هؤلاء هذه تلكم الجنة التي كانت رسلي في الدنيا تخبركم عنها، أورثكموها الله عن الذين كذبوا رسله، لتصديقكم إياهم وطاعتكم ربكم. وذلك هو معنى قوله: بما كنتم تعملون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
11384 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا