خلافه وخلاف صفته فيهديه، أم لا يجوز ذلك له، وهو لا يجد إلا خلافه؟ فإن زعم أنه لا يجوز له أن يشتري بقيمته إلا مثله، ترك قوله في ذلك لان أهل هذه المقالة يزعمون أنه لا يجوز له أن يشتري بقيمته ذلك فيهديه إلا ما يجوز في الضحايا، وإذا أجازوا شرى مثل المقتول من الصيد بقيمته وإهداءها وقد يكون المقتول صغيرا معيبا، أجازوا في الهدي ما لا يجوز في الأضاحي، وإن زعم أنه لا يجوز أن يشتري بقيمته فيهديه إلا ما يجوز في الضحايا أوضح بذلك من قوله الخلاف لظاهر التنزيل وذلك أن الله تعالى أوجب على قاتل الصيد من المحرمين عمدا المثل من النعم إذا وجدوه وقد زعم قائل هذه المقالة أنه لا يجب عليه المثل من النعم وهو إلى ذلك واجد سبيلا.
ويقال لقائل: ذلك: أرأيت إن قال قائل آخر: ما على قاتل ما لا تبلغ من الصيد قيمته ما يصاب به من النعم ما يجوز في الأضاحي من إطعام ولا صيام، لان الله تعالى إنما خير قاتل الصيد من المجرمين في أحد الثلاثة الأشياء التي سماها في كتابه، فإذا لم يكن له إلى واحد من ذلك سبيل سقط عنه فرض الآخرين، لان الخيار إنما كان له وله إلى الثلاثة سبيل فإذا لم يكون له إلى بعض ذلك سبيل بطل فرض الجزاء عنه، لأنه ليس ممن عني بالآية نظير الذي قلت أنت إنه إذا لم يكن المقتول من الصيد يبلغ قيمته ما يصاب من النعم مما يجوز في الضحايا، فقد سقط فرض الجزاء بالمثل من النعم عنه، وإنما عليه الجزاء بالاطعام أو الصيام هل بينك وبينه فرق من أصل أو نظير؟ فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله.
القول في تأويل قوله تعالى: يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة.
يقول تعالى ذكره: يحكم بذلك الجزاء الذي هو مثل المقتول من الصيد من النعم عدلان منكم، يعني: فقيهان عالمان من أهل الدين والفضل. هديا يقول: يقضي بالجزاء ذوا عدل أن يهدي فيبلغ الكعبة. والهاء في قوله يحكم به عائدة على الجزاء، ووجه حكم العدلين إذا أرادا أن يحكما بمثل المقتول من الصيد من النعم على القاتل أن ينظرا إلى المقتول ويستوصفاه، فإن ذكر أنه أصاب ظبيا صغيرا حكما عليه من ولد الضأن بنظير ذلك الذي قتله في السن والجسم، فإن كان الذي أصاب من ذلك كبيرا حكما عليه من الضأن بكبير، وإن كان الذي أصاب حمار وحش حكما عليه ببقرة إن كان الذي أصاب كبيرا من البقر، وإن كان صغيرا فصغيرا، وإن كان المقتول ذكرا فمثله من ذكور البقر، وإن كان