عدل من المسلمين أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما وهذا قول عطاء والزهري الذي ذكرناه عنهما، دون القول الذي قاله مجاهد.
وأما ما يلزم بالخطأ قاتله، فقد بينا القول فيه في كتابنا كتاب لطيف القول في أحكام الشرائع بما أغنى عن ذكره في هذا الموضع. وليس هذا الموضع موضع ذكره، لان قصدنا في هذا الكتاب الإبانة عن تأويل التنزيل، وليس في التنزيل للخطأ ذكر فنذكر أحكامه.
وأما قوله: فجزاء مثل ما قتل من النعم فإنه يقول: وعليه كفارة وبدل، يعني بذلك: جزاء الصيد المقتول يقول تعالى ذكره: فعلى قاتل الصيد جزاء الصيد المقتول مثل ما قتل من النعم. وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: فجزاؤه مثل ما قتل من النعم.
وقد اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة وبعض البصريين:
فجزاء مثل ما قتل من النعم بإضافة الجزاء إلى المثل وخفض المثل. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين: فجزاء مثل ما قتل بتنوين الجزاء ورفع المثل بتأويل: فعليه جزاء مثل ما قتل.
وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأ: فجزاء مثل ما قتل بتنوين الجزاء ورفع المثل، لان الجزاء هو المثل، فلا وجه لإضافة الشئ إلى نفسه. وأحسب أن الذين قرأوا ذلك بالإضافة، رأوا أن الواجب على قاتل الصيد أن يجزى مثله من الصيد بمثل من النعم وليس كذلك كالذي ذهبوا إليه، بل الواجب على قاتله أن يجزى المقتول نظيره من النعم. وإذ كان ذلك كذلك، فالمثل هو الجزاء الذي أوجبه الله تعالى على قاتل الصيد، ولن يضاف الشئ إلى نفسه، ولذلك لم يقرأ ذلك قارئ علمناه بالتنوين ونصب المثل. ولو كان المثل غير الجزاء لجاز في المثل النصب إذا نون الجزاء، كما نصب اليتيم إذ كان غير الاطعام في قوله: أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة وكما نصب الأموات والاحياء ونون الكفات في قوله: ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا إذ كان الكفات غير الاحياء والأموات. وكذلك الجزاء، لو كان غير المثل لاتسعت القراءة في