يعني بذلك أن نصبه على: واذكر يوم يقول كن فيكون قال: وكذلك: يوم ينفخ في الصور، قال: وقال بعضهم: يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة. وقال بعضهم:
يقول كن فيكون، للصور خاصة.
فمعنى الكلام على تأويلهم: يوم يقول للصور كن فيكون قوله الحق، يوم ينفخ فيه عالم الغيب والشهادة فيكون القول حينئذ مرفوعا ب الحق، والحق بالقول. وقوله:
يوم يقول كن فيكون ويوم ينفخ في الصور صلة الحق.
وقال آخرون: بل قوله: كن فيكون معني به كل ما كان الله معيده في الآخرة بعد إفنائه ومنشئه بعد إعدامه. فالكلام على مذهب هؤلاء متناه عند قوله: كن فيكون وقوله: قوله الحق خبر مبتدأ.
وتأويله: وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق، ويوم يقول للأشياء: كن فيكون، خلقهما بالحق بعد فنائهما. ثم ابتدأ الخبر عن قوله ووعده خلقه أنه معيد هما بعد فنائهما عن أنه حق، فقال: قوله هذا الحق الذي لا شك فيه، وأخبر أن له الملك يوم ينفخ في الصور، فيوم ينفخ في الصور يكون على هذا التأويل من صلة الملك. وقد يجوز على هذا التأويل أن يكون قوله: يوم ينفخ في الصور من صلة الحق.
وقال آخرون: بل معنى الكلام: ويوم يقول لما فني: كن فيكون قوله الحق، فجعل القول مرفوعا بقوله: ويوم يقول كن فيكون وجعل قوله: كن فيكون للقول محلا، وقوله: يوم ينفخ في الصور من صلة الحق. كأنه وجه تأويل ذلك إلى: ويومئذ قوله الحق يوم ينفخ في الصور. وإن جعل على هذا التأويل: يوم ينفخ في الصور، بيانا عن اليوم الأول، كان وجها صحيحا، ولو جعل قوله: قوله الحق مرفوعا بقوله: يوم ينفخ في الصور وقوله: يوم ينفخ في الصور محلا وقوله: ويوم يقول كن فيكون من صلته كان جائزا.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه المنفرد بخلق السماوات والأرض دون كل ما سواه، معرفا من أشرك به من خلقه جهله في عبادة الأوثان والأصنام وخطأ ما هم عليه مقيمون من عبادة ما لا يضر ولا ينفع ولا يقدر على اجتلاب نفع إلى نفسه ولا دفع ضر عنها، ومحتجا عليهم في إنكارهم البعث بعد الممات والثواب والعقاب بقدرته على ابتداع ذلك ابتداء، وأن الذي ابتدع ذلك غير متعذر عليه