الطريق فهو يحار فيه حيرة وحيرانا وحيرورة، وذلك إذا ضل فلم يهتد للمحجة له أصحاب يدعونه إلى الهدى، يقول: لهذا الحيران الذي قد استهوته الشياطين في الأرض أصحاب على المحجة واستقامة السبيل، يدعونه إلى المحجة لطريق الهدى الذي هم عليه، يقولون له: ائتنا وترك إجراء حيران، لان فعلان، وكل اسم كان على فعلان مما أنثاه فعلى فإنه لا يجرى في كلام العرب في معرفة ولا نكرة. وهذا مثل ضربه الله تعالى لمن كفر بالله بعد إيمانه فاتبع الشياطين من أهل الشرك بالله وأصحابه الذين كانوا أصحابه في حال إسلامه المقيمون على الدين الحق يدعونه إلى الهدى الذي هم عليه مقيمون والصواب الذي هم به متمسكون، وهو له مفارق وعنه زائل، يقولون له: ائتنا، فكن معنا على استقامة وهدى وهو يأبى ذلك، ويتبع دواعي الشيطان ويعبد الآلهة والأوثان.
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل، وخالف في ذلك جماعة. ذكر من قال ذلك: مثل ما قلنا 10457 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قال: قال المشركون للمؤمنين: اتبعوا سبيلنا، واتركوا دين محمد صلى الله عليه وسلم، فقال الله تعالى ذكره: قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا هذه الآلهة ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، فيكون مثلنا كمثل الذي استهوته الشياطين في الأرض، يقول: مثلكم إن كفرتم بعد الايمان كمثل رجل كان مع قوم على الطريق، فضل الطريق، فحيرته الشياطين واستهوته في الأرض، وأصحابه على الطريق، فجعلوا يدعونه إليهم، يقولون ائتنا فإنا على الطريق، فأبى أن يأتيهم. فذلك مثل من يتبعكم بعد المعرفة بمحمد، ومحمد الذي يدعو إلى الطريق، والطريق هو الاسلام.
10458 - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا قال: هذا مثل ضربه الله للآلهة ومن يدعو إليها وللدعاة الذين يدعون إلى الله، كمثل رجل ضل عن الطريق، إذ ناداه مناد: يا فلان ابن فلان هلم إلى الطريق وله أصحاب يدعونه: يا فلان هلم إلى الطريق فإن اتبع الداعي الأول انطلق به حتى يلقيه في الهلكة، وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى اهتدى إلى الطريق، وهذه الداعية التي تدعو في البرية من الغيلان،