إلى أولياء الميت، إذا عثر على أن الشهود استحقوا إثما في أيمانهم فمعلوم بذلك فساد قول من قال: ألزم اليمين الشهود لدعواهم لأنفسهم وصية أوصى بها لهم الميت في ماله، على أن ما قلنا في ذلك عن أهل التأويل هو التأويل الذي وردت به الاخبار عن بعض أصحاب رسول الله (ص)، أن رسول الله (ص) قضى به حين نزلت هذه الآية بين الذين نزلت فيهم وبسببهم. ذكر من قال ذلك:
10091 - حدثني ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن آدم، عن يحيى بن أبي زائدة، عن محمد بن أبي القاسم، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس، قال:
خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء، فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم، فلما قدما بتركته، فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب، فأحلفهما رسول الله (ص). ثم وجد الجام بمكة، فقالوا: اشتريناه من تميم الداري وعدي بن بداء.
فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا: لشهادتنا أحق من شهادتهما، وأن الجام لصاحبهم.
قال: وفيهم أنزلت: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم.
10092 - حدثنا الحسن بن أبي شعيب الحراني، قال: ثنا محمد بن سلمة الحراني، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن أبي النضر، عن زاذان مولى أم هانئ ابنة أبي طالب، عن ابن عباس، عن تمم الداري في هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت قال: برئ الناس منها غيري وغير عدي بن بداء، وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الاسلام، فأتيا الشام لتجارتهما، وقدم عليهما مولى لبني سهم، يقال له بديل بن أبي مريم بتجارة، ومعه جام فضة يريد بن الملك، وهو عظم تجارته، فمرض، فأوصى إليهما وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله. قال تميم: فلما مات، أخذنا ذلك الجام، فبعناه بألف درهم فقسمناه أنا وعدي بن بداء، (فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا، وفقدوا الجام فسألونا عنه) فقلنا: ما ترك غير هذا، وما دفع إلينا غيره. قال تميم: فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله (ص) المدينة تأثمت من ذلك، فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر،