أو رجلين من غير عشيرتكم، وإنما يقال: صفة شهادة رجلين من عشيرتكم أو من غير عشيرتكم، أو رجلين من المؤمنين أو من غير المؤمنين. فإذ كان لا وجه لذلك في الكلام، فغير جائز صرف مغلق كلام الله تعالى إلا إلى أحسن وجوهه. وقد دللنا قبل على أن قوله تعالى: ذوا عدل منكم إنما هو من أهل دينكم وملتكم بما فيه كفاية لمن وفق لفهمه.
وإذا صح ذلك بما دللنا عليه، فمعلوم أن معنى قوله: أو آخران من غيركم إنما هو: أو آخران من غير أهل دينكم وملتكم. وإذ كان ذلك كذلك، فسواء كان الآخران اللذان من غير أهل ديننا يهوديين كانا أو نصرانيين أو مجوسيين أو عابدي وثن أو على أي دين كانا، لان الله تعالى لم يخصص آخرين من أهل ملة بعينها دون ملة بعد ألا يكونا من (غير) أهل الاسلام.
القول في تأويل قوله تعالى: إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين: صفة شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت وقت الوصية، أن يشهد اثنان ذوا عدل منكم أيها المؤمنون أو رجلان آخران من غير أهل ملتكم، إن أنتم سافرتم ذاهبين وراجعين في الأرض. وقد بينا فيما مضى السبب الذي من أجله قيل للمسافر الضارب في الأرض. فأصابتكم مصيبة الموت يقول: فنزل بكم الموت.
ووجه أكثر أهل التأويل هذا الموضع إلى معنى التعقيب دون التخيير وقالوا: معناه: شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم، إن وجدا، فإن لم يوجدا فآخران من غيركم، وإنما فعل ذلك من فعله، لأنه وجه معنى الشهادة في قوله: شهادة بينكم إلى معنى الشهادة التي توجب للقوم قيام صاحبها عند الحاكم، أو يبطلها. ذكر بعض من تأول ذلك كذلك:
10067 - حدثنا عمران بن موسى القزاز، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: ثنا إسحاق بن سويد، عن يحيى بن يعمر، في قوله: ذوا عدل منكم من المسلمين، فإن لم تجدوا من المسلمين فمن غير المسلمين.
10068 - حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى، قالا: ثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب في قوله: اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من