أحق من شهادتهما بما شهدا، وما اعتدينا. فذلك قوله: فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان.
وقال آخرون: بل إنما ألزم الشاهدان اليمين، لأنهما ادعيا أنه أوصى لهما ببعض المال. وإنما ينقل إلى الآخرين من أجل ذلك إذا ارتابوا بدعواهما. ذكر من قال ذلك:
10090 - حدثنا عمران بن موسى القزاز، قال: ثنا عبد الوارث بن سعد، قال: ثنا إسحاق بن سويد، عن يحيى بن يعمر في قوله: تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله قال: زعما أنه أوصى لهما بكذا وكذا، فإن عثر على أنهما استحقا إثما أي بدعواهما لأنفسهما، فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان أن صاحبنا لم يوص إليكما بشئ مما تقولان.
والصواب من القول في ذلك عندنا، أن الشاهدين ألزما اليمين في ذلك باتهام ورثة الميت إياهما فيما دفع إليهما الميت من ماله، ودعواهم قبلها خيانة مال معلوم المبلغ، ونقلت بعد إلى الورثة عند ظهور الريبة التي كانت من الورثة فيهما، وصحة التهمة عليهما بشهادة شاهد عليهما أو على أحدهما، فيحلف الوارث حينئذ مع شهادة الشاهد عليهما أو على أحدهما إنما صحح دعواه إذا حقق حقه، أو الاقرار يكون من الشهود ببعض ما ادعى عليهما الوارث أو بجميعه، ثم دعواهما في الذي أقرا به من مال الميت ما لا يقبل فيه دعواهما إلا ببينة، ثم لا يكون لهما على دعواهما تلك بينة، فينقل حينئذ اليمين إلى أولياء الميت.
وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصحة، لأنا لا نعلم من أحكام الاسلام حكما يجب فيه اليمين على الشهود ارتيب بشهادتهما أو لم يرتب بها، فيكون الحكم في هذه الشهادة نظيرا لذلك. ولم نجد ذلك كذلك صح بخبر عن الرسول (ص) ولا بإجماع من الأمة، لان استحلاف الشهود في هذا الموضع من حكم الله تعالى، فيكون أصلا مسلما.
والمقول إذا خرج من أن يكون أصلا أو نظيرا لأصل فيما تنازعت فيه الأمة، كان واضحا فساده. وإذا فسد هذا القول بما ذكرناه، فالقول بأن الشاهدين استحلفا من أجل أنهما ادعيا على الميت وصية لهما بمال من ماله أفسد من أجل أن أهل العلم لا خلاف بينهم في أن من حكم الله تعالى أن مدعيا لو ادعى في مال ميت وصية أن القول قول ورثة المدعي في ماله الوصية مع أيمانهم، دون قول مدعي ذلك مع يمينه، وذلك إذا لم يكن للمدعي بينة. وقد جعل الله تعالى اليمين في هذه الآية على الشهود إذا ارتيب بهما، وإنما نقل الايمان عنهم