مألوفة لديه، التقم ثديها كأنه تضمن لذة الروح وحلاوتها، واشتغل الطفل بشرب اللبن بلهفة وعشق شديدين، فانطلقت صرخات الفرح من الحاضرين، وبدت آثار الفرح والسرور على زوجة فرعون.
يقول البعض: إن فرعون تعجب من هذه الحادثة، وقال: من أنت إذ قبل هذا الطفل لبنك في حين أنه رد جميع الأخريات؟ فقالت الأم: إني امرأة طيبة الريح واللبن، ولا يرفض لبني أي طفل!
على كل حال فقد أمرها فرعون بالاهتمام بالطفل، وأكدت زوجته كثيرا على حفظه وحراسته، وأمرت أن يعرض عليها الطفل بين فترة وأخرى.
هنا تحقق ما قاله القرآن: فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن ولتستطيع تربيته بدون خوف من جلاوزة فرعون. ويستفاد من هذه العبارة أن فرعون أودع الطفل أمه لتذهب به إلى بيتها، إلا أن من الطبيعي أن ابن عائلة فرعون! الذي تعلقت به امرأته وأحبته حبا شديدا، يجب أن يعرض عليها بين فترة وأخرى.
ومرت السنون والأعوام، وتربى موسى (عليه السلام) وسط هالة من لطف الله ومحبته، وفي محيط آمن، وشيئا فشيئا أصبح شابا. وكان ذات يوم يمر من طريق فرأى رجلين يتشاجران، أحدهما من بني إسرائيل والآخر من الأقباط - (وهم المصريون قوم فرعون) - ولما كان بنو إسرائيل يعيشون دائما تحت ضغط الأقباط الظالمين وأذاهم، هب موسى لمعونة المظلوم الذي كان من بني إسرائيل، ومن أجل الدفاع عنه وجه ضربة قاتلة إلى ذلك القبطي، فقضت عليه.
فتأثر موسى مما حدث وقلق، لأن حراس فرعون علموا في النهاية من الذي قام بعملية القتل هذه، فنشطوا للبحث عنه ومطاردته. إلا أن موسى، وحسب إشارة بعض أصدقائه عليه، خرج متخفيا من مصر، وتوجه إلى مدين، فوجد محيطا وجوا آمنا في ظل النبي " شعيب "، والذي سيأتي شرح حاله في تفسير