الأهمية بالنسبة إلى الرسالة، فيقول أولا: ولقد مننا عليك مرة أخرى (1).
وبعد ذكر هذا الإجمال تتطرق الآيات إلى الشرح والتفصيل، فتقول: إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى وهو إشارة إلى أننا قد علمنا أمه كل الطرق التي تنتهي إلى نجاة موسى (عليه السلام) من قبضة الفراعنة، لأنه يستفاد من سائر آيات القرآن أن فرعون شدد ارهابه على بني إسرائيل للتصدي لقوتهم وعصيانهم المحتمل، أو أنه - على رأي بعض المفسرين والمؤرخين - كان قد أمر بقتل أبنائهم وإبقاء البنات للخدمة، لكي يمنع ولادة ولد من بني إسرائيل كان قد أخبره المنجمون أنه يثور عليه ويزيل ملكه.
من الطبيعي أن جواسيس وعيون فرعون كانوا يراقبون بشدة محلات بني إسرائيل وبيوتهم، وكانوا لا يدعون ذكرا يولد إلا وقتلوه.
وذهب بعض المفسرين إلى أن فرعون كان يريد تحطيم قوة بني إسرائيل من جهة، وكان من جهة أخرى غير راغب في انقراض نسلهم تماما، لأنه كان يعتبرهم عبيدا يصلحون للخدمة، ولذلك كان قد أمر بأن يتركوا الأولاد سنة ويذبحونهم سنة أخرى، فكان أن ولد موسى في العام الذي يقتل فيه الأولاد!
على كل حال، فإن هذه الأم أحست بأن حياة وليدها في خطر، وإخفاؤه مؤقتا سوف لا يحل المشكلة.. في هذه الأثناء ألهمها الله - الذي رشح هذا الطفل لثورة كبيرة - أن أودعيه عندنا، وانظري كيف سنحافظ عليه، وكيف سنرده إليك؟
فألقى في قلب الأم: أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم.
" اليم " هنا يعني نهر النيل العظيم الذي يطلق عليه أحيانا اسم البحر لسعته وكثرة مياهه.