الماء، فلما فتحوا الصندوق شاهدوا بكامل العجب مولودا جميلا فيه، وهو شئ لم يكن بالحسبان.
وهنا تنبه فرعون إلى أن هذا الوليد ينبغي أن يكون من بني إسرائيل، وإنما لاقي هذا المصير خوفا من جلاوزته، فأمر بقتله، إلا أن زوجته - التي كانت عقيما - تعلقت جدا بالطفل، فقد نفذ النور الذي كان ينبعث من عيني الطفل إلى زوايا قلبها، وجذبها إليه، فضربت على يد فرعون وطلبت منه أن يصرف النظر عن قتله، وعبرت عن هذا الطفل بأنه قرة عين، بل وتمادت في طلبها، فطلبت منه أن يتخذاه ولدا ليكون مبعث أمل لهما، ويكبر في أحضانهما، وأصرت على طلبها حتى أصابت سهامها، وحققت ما تصبو إليه.
غير أن الطفل جاع، وأراد لبنا، فاخذ يبكي ويذرف الدموع، فرق قلب امرأة فرعون لهذه الدموع والبكاء واهتز، ولا محيص من أن يبحث الخدم عن مرضعة له، إلا أنهم كلما جاؤوه بمرضعة لم يقبل ثديها، لأن الله سبحانه كان قد قدر أن يعيده إلى أمه، فهب المأمورون للبحث من جديد، وكانوا يطرقون الأبواب بحثا عن مرضع جديدة.
والآن نقرأ بقية القصة على ضوء الآيات الشريفة:
نعم يا موسى، فإنا كنا قدرنا أن تتربى بأعيننا وعلمنا إذا تمشي أختك بأمر أمك لتراقب مصيرك، فرأت جنود فرعون: فتقول هل أدلكم على من يكفله وربما أضافت بأن هذه المرأة لها لبن نظيف، وأنا مطمئنة بأن هذا الرضيع سيقبلها.
فاستبشر الجنود على أمل أن يجدوا ضالتهم عن هذا الطريق، فذهبوا معها، فأطلعت أخت موسى - والتي كانت تظهر نفسها بمظهر الشخص الغريب والمجهول - أمها على الأمر، فجاءت أمه إلى بلاط فرعون، من دون أن تفقد سيطرتها على أعصابها، بالرغم من أن أمواجا من الحب والأمل كانت قد أحاطت بكل قلبها، واحتضنت الطفل، فلما شم الطفل رائحة أمه، وكانت رائحة