عن رأسها كل الأفكار السيئة.
ونقرأ في حديث عن الإمام الباقر (عليه السلام) في هذا الباب: " فلما وضعت أم موسى موسى نظرت إليه وحزنت عليه واغتمت وبكت وقالت: تذبح الساعة، فعطف الله الموكلة بها عليه، فقالت لأم موسى: ما لك قد أصفر لونك؟ فقالت: أخاف أن يذبح ولدي، فقالت: لا تخافي وكان موسى لا يراه أحد إلا أحبه " (1)، وكان درع المحبة هذا هو الذي حفظه تماما في بلاط فرعون.
وتقول الآية في النهاية: ولتصنع على عيني فلا شك في أنه لا تخفى ذرة عن علم الله في السماء ولا في الأرض، وكل شئ حاضر بين يديه، إلا أن هذا التعبير إشارة إلى العناية الخاصة التي أولاها الله سبحانه لموسى وتربيته.
وبالرغم من أن بعض المفسرين اعتقد أن جملة ولتصنع على عيني مقصورة على مرحلة رضاعة موسى وأمثالها، إلا أن من المعلوم أن لهذه الجملة معنى واسعا، تدخل فيه كل أنواع التربية والعناية، وصنع موسى (عليه السلام) من أجل حمل راية الرسالة مع عناية الله الخاصة.
ويستفاد بوضوح من القرائن الموجودة في هذه الآيات، والآيات المشابهة لها في القرآن، ومما جاء في الروايات والتواريخ، أن أم موسى (عليه السلام) قد ألقت الصندوق الذي كان فيه موسى وهي في حالة من الخوف والقلق، وحملته أمواج النيل، وأخذ قلب أم موسى يخفق من مشاهدة هذا المنظر، إلا أن الله قد ألهم قلبها أن لا يدع للهم والحزن إليه طريقا، فهو سبحانه سيعيده إليها في النهاية سالما.
وكان قصر فرعون قد بني على جانب شط النيل، ويحتمل أن فرعا من هذا النهر العظيم كان يمر داخل قصره، فحملت أمواج المياه الصندوق إلى ذلك الفرع الصغير، وبينما كان فرعون وزوجته على حافة الماء ينظرون إلى الأمواج، وإذا بهذا الصندوق الغريب يلفت انتباههما، فأمر جنوده أن يخرجوا الصندوق من