مكة ضغوطا شديدة من الأعداء، ليعلموا أن هذه القوى الشيطانية لا طاقة لها في مقاومة قدرة الله، وأن كل هذه الخطط والمؤامرات رسم على الماء.
وكذلك ليعتبروا بهذه الواقعة المليئة بالعبر والمواعظ، ويستمروا في طريقهم في توحيد الله وعبادته، ومحاربة فراعنة وسحرة كل عصر وزمان، وكذلك مجاهدة الانحرافات الداخلية والرغبات المنحرفة.. تلك العبر التي تستطيع أن يكون دليلا ومرشدا لهم في مسيرتهم الجهادية.
ويمكن تقسيم مجموع الآيات التي تحدثت عن موسى وبني إسرائيل والفراعنة في هذه السورة إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: يتحدث عن بداية نبوة موسى وبعثته، وأول ومضات الوحي، وبتعبير آخر: فإن البحث يدور حول مرحلة قصيرة المدة غنية المحتوى وقضاها موسى في الوادي المقدس في تلك الصحراء المظلمة المقفرة.
القسم الثاني: يتحدث عن دعوة موسى وأخيه هارون لفرعون - وملئه - إلى دين التوحيد، ثم اشتباكهما بالأعداء.
القسم الثالث: يبحث عن خروج موسى وبني إسرائيل من مصر، وكيفية نجاتهم من قبضة فرعون وأتباعه، وغرق هؤلاء وهلاكهم.
القسم الرابع: ويتحدث حول الاتجاهات الانحرافية الشديدة لبني إسرائيل عن دين التوحيد إلى الشرك، وقبول وساوس السامري، ومواجهة موسى الحازمة لهذا الانحراف.
ونعود الآن إلى الآيات مورد البحث، والتي ترتبط بالقسم الأول. فهذه الآيات تقول بتعبير رقيق وجذاب: وهل أتاك حديث موسى؟ ومن البديهي أن هذا الاستفهام ليس هدفه تحصيل الخبر، فهو سبحانه مطلع على جميع الأسرار، بل هو " استفهام تقريري "، وبتعبير آخر فإن هذا الاستفهام، مقدمة لبيان خبر مهم، كما نقول في مكالماتنا اليومية حينما نريد أن نبدأ بذكر خبر مهم: أسمعت هذا