من جهة شجرة كانت هناك: نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين يستفاد من مجموع هذين التعبيرين أن موسى لما اقترب شاهد النار في داخل الشجرة - ويقول المفسرون أنها كانت شجرة العناب - وهذا بنفسه كان قرينة واضحة على أن هذه النار ليست نارا عادية، بل إن هذا النور الإلهي الذي ليس لم يحترق الشجرة وحسب، بل إنه منسجم معها ومعروف، ألا وهو نور الحياة!
وقد هام موسى لدى سماعه هذا النداء المحيي للروح: إني أنا ربك وأحاطت بكل وجوده لذة لا يمكن وصفها، فمن هذا الذي يتحدث معي؟ إنه ربي الذي جللني بالفخر الكلمة ربك ليعلمني بأني قد تربيت وترعرعت منذ نعومة أظفاري وإلى الآن في ظل رحمته وعنايته، وأصبحت مهيئا لرحمة عظيمة.
لقد أمر أن يخلع نعليه، لأنه قد وضع قدمه في أرض مقدسة.. الأرض التي تجلى فيها النور الإلهي، ويسمع فيها نداء الله، ويتحمل مسؤولية الرسالة، فيجب أن يخطو في الأرض بمنتهى الخضوع والتواضع، وهذا هو سبب خلعه النعل عن رجله.
بناء على هذا، فإن البحث المفصل الذي بحثه بعض المفسرين حول خلع النعل - ونقلوا أقوالا عن المفسرين - يبدو زائدا. طبعا لقد نقلت روايات في باب تأويل هذه الآية سنبحثها في مقطع البحوث.
إن التعبير ب (طوى) إما لأن اسم تلك الأرض كان أرض طوى، كما قال ذلك أغلب المفسرين، ولأن " طوى " في الأصل بمعنى الإحاطة، وهنا كناية عن أن البركات المعنوية التي أحاطت هذه الأرض من كل جانب، ولهذا عبر عنها في الآية (30) من سورة القصص بأنها " البقعة المباركة ".
ثم سمع هذا الكلام من نفس المتكلم: وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى