السابقة إلى حالاتهم وكثير من صفاتهم البارزة المعروفة.
ثم تكمل الآية هذا البحث بذكر الأتباع الحقيقيين لهؤلاء الأنبياء، فتقول:
وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا (1).
لقد اعتبر بعض المفسرين جملة وممن هدينا واجتبينا... بيانا آخر لنفس هؤلاء الأنبياء الذين أشير إليهم في بداية هذه الآية. إلا أن ما قلنا أعلاه يبدو أنه أقرب للصواب (2). والشاهد على هذا الكلام الحديث المروي عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام)، إذ قال أثناء تلاوة هذه الآية: " نحن عنينا بها " (3).
وليس المراد من هذه الجملة هو الحصر مطلقا، بل هي مصداق واضح لمتبعي وأولياء الأنبياء الواقعيين، وقد مرت بنا نماذج من مصاديق هذا البحث في التفسير الأمثل هذا. إلا أن عدم الالتفات إلى هذه الحقيقة سبب أن يقع بعض المفسرين - كالآلوسي في روح المعاني - في خطأ حيث طعن في هذا الحديث، وعده دليلا على كون أحاديث الشيعة غير معتبرة! وهذه هي نتيجة عدم الإحاطة بالمفهوم الواقعي للروايات الواردة في تفسير الآيات.
ومما يستحق الانتباه أن الحديث في الآيات السابقة كان عن مريم، في حين أنها لم تكن من الأنبياء، بل كانت داخلة في جملة ممن هدينا وتعتبر من مصاديقها، ولها في كل زمان ومكان مصداق أو مصاديق، ومن هنا نرى أن الآية (69) من سورة النساء لم تحصر المشمولين بنعم الله بالأنبياء، بل أضافت إليهم الصديقين والشهداء: فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء وكذلك عبرت الآية (75) من سورة المائدة عن مريم أم عيسى بالصديقة، فقالت: وأمه صديقة.