داخلية حقيقية هادية، وليست علامة على تغيير مسير الإنسان، أو ندمه على أعماله السابقة وعلى ما كان فيها من معصية وانحراف، بل كل ما في الأمر هو أن الإنسان عندما ينزل بساحته البلاء أو يرى عمود المشنقة، أو تحيط به أمواج البلاء والعواصف، فهو يتأثر للحظات لا تتعدى مدة البلاء ويتخذ قرارا بتغيير مصيره، ولكن لأنه لا يملك أساسا متينا في أعماقه، فإنه بانتهاء البلاء يغفل عن صحوته هذه ويعود إلى خطة ومسيره الأول.
لو تأملنا الآية (18) من سورة النساء لرأينا من خلالها أن أبواب التوبة تغلق أمام الإنسان عند رؤية علائم الموت، وسبب هذا الأمر هو ما ذكرناه أعلاه.
وفي الآيات (90 - 91) من سورة يونس يقول القرآن حول فرعون عندما صار مصيره إلى الغرق وعصفت به الأمواج، فإذا به يصرخ ويقول: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل إلا أن هذه التوبة ترد عليه ولا تقبل منه:
الآن وقد عصيت!
د: لا الفقر دليل الذلة ولا الثروة دليل العزة:
وهذا درس آخر نتعلمه من الآيات أعلاه، طبيعي أن المجتمعات المادية والمذاهب النفعية غالبا ما تتوهم بأن الفقر والثروة هما دليل الذلة والعزة، لهذا السبب لاحظنا أن مشركي العصر الجاهلي يعجبون من يتم رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) وفقره ويقولون: وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم (1).
ه: أسلوب تحطيم الغرور:
عندما تبدأ بواعث الغرور تقترب من الإنسان وتناجي أعماقه بسبب المال والمنصب، فيجب عليه أن يقطع تلك الوسوسة من جذورها، عليه أن يتذكر ذلك اليوم الذي كان فيه ترابا لا قيمة له، وذلك اليوم الذي كان فيه نطفة لا قيمة لها، عليه أن يعي اللحظة التي كان فيها وليدا ضعيفا لا يقدر على الحركة.