تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٦٢١
قال البيضاوي: والآية تدل على حرمة مخالفة الاجماع، لأنه تعالى رتب الوعيد الشديد على المشاقة واتباع غير سبيل المؤمنين: وذلك إما لحرمة كل واحد منهما، أو أحدهما، أو الجمع بينهما، والثاني باطل، إذ يقبح أن يقال: من شرب الخمر وأكل الخنزير استوجب الحد، وكذا الثالث، لان المشاقة محرمة ضم إليها غيرها أو لم يضم، وإذا كان اتباع غير سبيلهم محرما، كان اتباع سبيلهم واجبا، لان ترك اتباع سبيلهم ممن عرف سبيلهم اتباع غير سبيلهم (1).
وفيه: إنه لا شك في حجية إجماع جميع المسلمين باعتبار دخول المعصوم فيه، ولا يلزم منه حجية الاجماع الذي هو مدعاه فتأمل.
وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة، عن عقيل الخزاعي: أن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات، فيقول: تعاهدوا الصلاة، إلى أن قال (عليه السلام): يقول الله (عز وجل): " ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى " من الأمانة (2)، فقد خسر من ليس من أهلها، وضل عمله، عرضت على السماوات المبنية، والأرض المهاد، والجبال المنصوبة، فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم، لو امتنعت من طول أو عرض أو قوة أو عزة امتنعن، ولكن أشفقن من العقوبة (3). والحديث طويل أخذنا من موضع الحاجة.
وفي نهج البلاغة: قال (عليه السلام): إنه با يعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان

(١) قاله: ج ١ ص ٢٤٣ عند تفسيره لاية ١١٥ من سورة النساء.
(٢) (من الأمانة) كذا وجدناه من نسخ الكافي، والصواب (ثم الأمانة) كما يظهر من بعض خطبه (عليه السلام) في نهج البلاغة، وزاد فيه بعد قوله: " ولا أعظم " لفظة (منها) ثم قال: ولو امتنع شئ بطول أو عرض أو قوة أو عز لامتنعن، وهو الصواب (الوافي ط حجري: ج ٢ أبواب الجهاد ص ١٩).
(٣) الكافي: ج ٥ ص ٣٦ كتاب الجهاد باب ما كان يوصي أمير المؤمنين (عليه السلام) به عند القتال، قطعة من ح 1.
(٦٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 616 617 618 619 620 621 622 623 624 625 626 ... » »»
الفهرست