تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٦١
الهدى وأولادك منك، فأنتم قادة الهدى والتقى والشجرة التي أنا أصلها وأنتم فرعها، فمن تمسك بها فقد نجا ومن تخلف عنها فقد هلك وهوى، وأنتم الذين أوجب الله تعالى مودتكم وولايتكم والذين ذكرهم الله في كتابه ووصفهم لعباده، فقال عز وجل من قائل: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " فأنتم صفوة الله من آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران، وأنتم الأسرة من إسماعيل والعترة الهادية من محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) (1).
وفي عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا (عليه السلام) مع المأمون في الفرق بين العترة والأمة في حديث طويل، وفيه: فقال المأمون: هل فضل الله العترة على سائر الناس؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): إن الله تعالى أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه، فقال المأمون: أين ذلك من كتاب الله؟ فقال الرضا (عليه السلام): في قوله تعالى: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين " (2).
وآل عمران: آله: موسى وهارون ابنا عمران بن يصهر، وقيل: عيسى ومريم بنت عمران بن ثاثان، وبين العمرانين ألف وثمانمائة سنة (3).
وفي تفسير علي بن إبراهيم: قال العالم (عليه السلام): نزل (آل إبراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين) فأسقطوا آل محمد من الكتاب (4) (5).

(١) لا يوجد لدينا هذا الكتاب، ووجدناه في تفسير البرهان ج ١ سورة آل عمران ص ٢٧٩ ح ١٦ نقلا عن الأمالي.
(٢) عيون أخبار الرضا: ج ١ ص ٢٣٠ باب ٢٣ ذكر مجلس الرضا مع المأمون. ح ١.
(٣) أنوار التنزيل: ج ١ ص ١٥٦ - ١٥٧ في تفسير آية ٣٣ من سورة آل عمران.
(٤) تفسير علي بن إبراهيم: ج ١ ص ١٠٠ في تفسير آية " ان الله اصطفى آدم ونوحا. " الآية.
(٥) سيأتي من المصنف انكار ان يكون اسقاط من القرآن أو زيادة فيه. وسنعرض له في تعاليق آتية.
ونقول هنا: ان روايات هكذا، وبهذه الصراحة في وقوع التحريف في الكتاب العزيز، تخالف نص القرآن أولا. وصحيح الروايات ثانيا. قال تعالى: " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ". وقال: " انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ".
وفي رسالة أبي جعفر (عليه السلام) إلى سعد الخير: " وكان من نبذهم الكتاب ان أقاموا حروفه وحرفوا حدوده. " (الكافي: ج ٨ ص ٥٣ ح ١٦).
فقد صرح الإمام الباقر (عليه السلام) أنهم لم يمسوا حروفه وعباراته شيئا، وانما عمدوا إلى تأويله وتفسيره على غير الوجه. وهو تحريف بالمبنى.
وكذلك في حديث أبي بصير مع الإمام الصادق (عليه السلام) سأله عن السبب في عدم ذكر أهل البيت صريحا في القرآن، فاجابه الإمام (عليه السلام) انه سبحانه انما ذكر في القرآن أصول الشريعة وكليات الاحكام، اما الفروع والجزئيات، فموكول إلى بيان الرسول (صلى الله عليه وآله) يبينها للناس على سواء.
فلو كان هناك تحريف في لفظ الكتاب لما صح هذا الجواب (الكافي: ج ١ ص ٢٨٦ ح ١).
وعليه، فحيث دل صريح الكتاب وصحيح الروايات على عدم التحريف، فكل ما ورد على خلاف ذلك، فهو مردود على أهله، ويضرب به عرض الجدار.
نعم لو احتمل تأويلا مقبولا أولناه ولو بعيدا، لأنه أولى من الطرح مهما أمكن. وقد حاول العلماء تأويل هكذا روايات إلى إرادة الاسقاط من التفسير، اي هكذا كانت الآية تفسر فغيروا تفسيرها إلى غر ذلك.
على انا ذكرنا عند الكلام عن " صيانة القرآن من التحريف " ان هذا التفسير المشتهر بتفسير " علي بن إبراهيم القمي " ليس من تأليفه، وانما هو تأليف تلميذه " أبي الفضل العلوي " المجهول، وقد اهمله أصحاب التراجم. وهذا قد اخذ شطرا من املاءات القمي، وأضاف إليه شطرا من تفسير أبي الجارود، الملعون المطرود، فمزج بينهما مزجا، وكانت حصيلته هذا التفسير الموجود اليوم، المنسوب إلى القمي نسبة غير صحيحة، وهو جفاء صريح.
اذن فلا يمكن الاعتماد على روايات جاءت في هذا التأليف غير معلوم النسب.
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست