تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٥٩٧
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن النضر ابن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله: أصلحك الله، بلغنا شكواك (1) وأشفقنا، فلو أعلمتنا أو علمتنا من؟
فقال: إن عليا (عليه السلام) كان عالما، والعلم يتوارث، فلا يهلك عالم إلا بقي من بعده من يعلم مثل علمه، أو ما شاء الله، قلت أفيسع الناس إذا مات العالم ألا يعرفوا الذي بعده؟ فقال: أما أهل هذه البلدة فلا (يعني المدينة) وأما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم، إن الله يقول: " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " قال: قلت: أرأيت من مات في ذلك؟ هو بمنزلة من خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله (2).
وفي تفسير العياشي: بإسناده عن محمد بن أبي عمير قال: وجه زرارة بن أعين ابنه عبيدا إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن موسى بن جعفر وعبد الله، فمات قبل

(١) قوله (بلغنا شكواك) في النهاية: الشكوى المرض، وفي الصحاح: الشكوى اسم من شكوت فلانا اشكوه شكوا، إذا أخبرت عنه سوء فصله، وقد يطلق الشكوى على المكروه والبلية، والمراد بالاشفاق، الخوف من موته (عليه السلام)، أو من الضلالة بعده والترديد في قوله (أو علمتنا) من الراوي، والمراد بقوله (عليه السلام): (أن عليا كان عالما) هو أن الامام يعرف بعلمه جميع الأشياء ولا يشتبه على غيره، فإنه بإضاءة علمه كالنور الساطع، وقد ذكرنا أن القادر على معرفته بسبب علمه هو العالم دون غيره، وقوله: (أو ما شاء الله) يحتمل الترديد من الراوي، وحتم ما لم يكن محتوما قبل، فإنه قد يحصل لكل إمام علم بالحتم الذي لم يكن قبله، والله أعلم.
قوله: (أرأيت من مات في ذلك) أي أخبرني من مات في حال نفره ووقت طلبه قبل الوصول إلى المطلوب كيف حالة؟ أهو مؤمن أم لا؟ ومحصل الجواب: أنه مؤمن ومثاب لأجل النفر. وفيه دلالة على أن الايمان بالامام على سبيل الاجمال عند تعذر معرفة اسمه وشخصه كاف، وهو كذلك، لاستحالة التكليف بالمحال (شرح الأصول للمولى صالح المازندراني: ج ٦ ص ٣٤٢).
(٢) الكافي: ج ١ ص ٣٧٩ كتاب الحجة، باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام (عليه السلام):
قطعة من ح 3. وتمام الحديث: (قال: قلت: فإذا قدموا بأي شئ يعرفون صاحبهم؟ قال: يعطى السكينة والوقار والهيبة).
(٥٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 592 593 594 595 596 597 598 599 600 601 602 ... » »»
الفهرست