تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٥٨٠
كذلك كنتم من قبل: أي أول ما دخلتم في الاسلام تفوهتم بكلمتي الشهادة، فحصنت بها دماؤكم وأموالكم، من غير أن يعلم مواطاة قلوبكم ألسنتكم.
فمن الله عليكم: بالاشتهار بالايمان والاستقامة في الدين.
فتبينوا: فافعلوا بالداخلين، كما فعل الله بكم، ولا تبادروا إلى قتلهم ظنا بأنهم دخلوا فيه اتقاء وخوفا، فإن إبقاء الكافر أهون عند الله من قتل امرئ مسلم.
وتكريره تأكيد لتعظيم الامر وترتيب الحكم، على ما ذكر من حالهم.
إن الله كان بما تعملون خبيرا: عالما به وبالغرض منه، فلا تتهافتوا في القتل واحتاطوا فيه.
وفي تفسير علي بن إبراهيم: أنها نزلت لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من غزوة خيبر وبعث أسامة بن زيد في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك، ليدعوهم إلى الاسلام، وكان رجل من اليهود يقال له مرداس بن نهيك الفد كي في بعض القرى، فلما أحس بخيل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل، فأقبل يقول: أشهد أن لا إيه إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمر به أسامة بن زيد فقتله، فلما رجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أخبره بذلك، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) قتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله؟! فقال: يا رسول الله قالها تعوذا من القتل. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أفلا شققت الغطاء عن قلبه؟ لا ما قال بلسانه قبلت، ولا ما كان في نفسه علمت. فحلف أسامة بعد ذلك أن لا يقاتل أحدا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فتخلف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حروبه، وأنزل الله في ذلك: " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام " الآية (1).

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 148 في تفسيره لآية 94 من سورة النساء. ورواه مجملا في مجمع
(٥٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 575 576 577 578 579 580 581 582 583 584 585 ... » »»
الفهرست