تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٥١٤
قوله " ولو أنهم " وتلا إلى قوله " حتى يحكموك فيما شجر بينهم " فيما تعاقدوا عليه: لئن أمات الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يردوا هذا الامر في بني هاشم " ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت " عليهم من القتل أو العفو " ويسلموا تسليما " (1).
علي بن إبراهيم، عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له، وأقاموا الصلاة، وأتوا الزكاة، وحجوا البيت، وصاموا شهر رمضان، ثم قالوا لشئ صنعه الله أو صنعه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ألا صنع خلاف الذي صنع؟ أو وجدوا ذلك في قلوبهم، لكانوا بذلك مشركين (2)، ثم تلا هذه الآية، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) فعليك بالتسليم (3).
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،

(ما شجر بينهم) بما تعاقدوا عليه، اما مبني على أن المراد بالشجر، الجريان كما قيل، أو على أنه وقع ابتداء بينهم تشاجر ثم اتفقوا، أو على أن المراد التشاجر بينهم وبين المؤمنين، أو إنه لما كان الامر عظيما من شأنه أن يتشاجر فيه، عبر عن وقوعه بالشجر، وقبل: أراد أن المراد بظلمهم أنفسهم تعاقدهم فيما بينهم منازعين لله ولرسوله وللمؤمنين أن يصرفوا الامر عن بني هاشم، وأنه المراد بقوله:
" فيما شجر بينهم "، أي فيما وقع النزاع بينهم مع الله ورسوله والمؤمنين بهذا التعاقد، فإن الله كان معهم وفيما بينهم كما قال سبحانه: " وهو معهم إذ يبيتون مالا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا " (النساء: ١٠٨) والرسول أيضا كان عالما بما أسروا من مخالفته، فكأنه كان فيهم شاهدا على منازعتهم إياه. ومعنى تحكيمهم أمير المؤمنين (عليه السلام) على أنفسهم أن يقولوا له: إنا ظلمنا أنفسنا بظلمنا إياك وإرادتنا صرف الامر عنك مخالفة لله ولرسوله، فاحكم علينا بما شئت وطهرنا في بني هاشم " ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت " حرجا مما قضيت " عليهم من القتل أو العفو " ويسلموا تسليما " (مرآة العقول: ج ٤ ص ٢٨٣).
(١) الكافي: ج ١ ص ٣٨١ كتاب الحجة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح ٧.
(٢) قوله: (لكانوا بذلك مشركين) دل على أن كل من خطر بباله، أو جرى على لسانه ذلك فهو مشرك، وإن أخذه وعمل به، لفوات معنى الرضا والتسليم منه، فاحفظ نفسك فإن الطريق دقيق والشيطان رفيق (شرح أصول الكافي: ج ٦ ص ٣٧٨).
(٣) الكافي: ج ٢ ص ٣٩٨ كتاب الايمان والكفر، باب الشرك، ح 6.
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 ... » »»
الفهرست