تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٥١٦
الثمالي، عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) في آخر حديث له: إن للقائم منا غيبتين، أحدهما أطول من الأخرى، أما الأولى: فستة أيام، أو ستة أشهر، أو ست سنين (1). وأما الأخرى فيطول أمرها حتى يرجع عن هذا الامر أكثر من يقول به، فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه وصحت معرفته، ولم يجد في نفسه حرجا مما قضينا، وسلم لنا أهل البيت (2).
وبهذا الاسناد قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): إنه قال: دين الله (عز وجل) لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقاييس الفاسدة، ولا يصاب إلا بالتسليم، فمن سلم لنا سلم، ومن اقتدى بنا هدي، ومن دان القياس والرأي هلك، ومن وجد في نفسه شيئا مما نقوله أو نقضي به حرجا كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم (3).
وفي كتاب الإحتجاج للطبرسي (رحمه الله) عن أمير المؤمنين (عليه السلام)،

(١) قوله: (فستة أيام) لعله إشارة إلى اختلاف أحواله (عليه السلام) في غيبته، فستة أيام لم يطلع على ولادة إلا خاص الخاص من أهاليه ثم بعد ستة أشهر اطلع عليه غيرهم من الخواص ثم بعد ست سنين عند وفاة والده (عليه السلام) ظهر أمره لكثير من الخلق. أو إشارة إلى أنه بعد إمامته لم يطلع على خبره إلى ستة أيام أحد، ثم بعد ستة أشهر انتشر أمره وبعد ست سنين ظهر وانتشر أمر السفراء.
والأظهر أنه إشارة إلى بعض الأزمان المختلفة التي قدرت لغيبته، وأنه قابل للبداء، ويؤيده ما رواه الكليني: بإسناده عن الأصبغ في حديث طويل، قد مر بعضه في باب أخبار أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم قال: فقلت: يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة؟ فقال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين، فقلت: وإن هذا الكائن؟ فقال: نعم كما أنه مخلوق، وأنى لك بهذا الامر يا أصبغ، أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة، فقلت: ثم ما يكون بعد ذلك؟ فقال: ثم يفعل الله ما يشاء فإن له بداءات وإرادات وغايات ونهايات. فإنه يدل على أن هذا الامر قابل للبداء.
والترديد قرينة على ذلك والله يعلم (بحار الأنوار: ج ٥١ ص ١٣٤) ما روي في ذلك عن علي بن الحسين (عليه السلام).
(٢) كتاب كمال الدين وتمام النعمة: ص ٣٢٣ باب ٣١ ما أخبر به سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) من وقوع الغيبة بالقائم (عليه السلام) ح ٨ و ٩.
(٣) كتاب كمال الدين وتمام النعمة: ص ٣٢٣ باب ٣١ ما أخبر به سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) من وقوع الغيبة بالقائم (عليه السلام) ح 9.
(٥١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 522 ... » »»
الفهرست