مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٤٠٨
القضاء وبهذه الاخبار أفتى بالخبر الذي أوجب القضاء عليه لأنه رواية سماعة بن مهران وكان واقفيا والظاهر منه أنه يقول في صورة الظن بعدم وجوب القضاء مطلقا عكس ما قال المفيد من وجوبه مطلقا وقال الشيخ في النهاية ومن شك في دخول الليل لوجود عارض في السماء ولم يعلم بدخول الليل ولا غلب على ظنه ذلك فأفطر ثم تبين بعد ذلك أنه كان نهارا كان عليه القضاء فإن كان قد غلب على ظنه دخول الليل ثم تبين أنه كان نهارا لم يكن عليه شئ وقريب منه قوله في التهذيب وهو أيضا مثل قول الصدوق ظاهرا بعدم وجوب القضاء في الظن مطلقا ويفهم منه أنه يقول بوجوب القضاء خاصة في صورة الشك بل ولا يبعد فهم الفرق منه بين قوة الظن وضعفه مع اشتراك الضعيف للشك في الحكم بقرينة لفظة غلب مع وصفه في المبسوط الامارة بالقوية كما عرفت ولقد فصل ابن إدريس فقال من ظن أن الشمس قد غابت لعارض يعرض في السماء من ظلمة أو قتام ولم يغلب على ظنه ثم تبين الشمس بعد ذلك فالواجب عليه القضاء دون الكفارة فإن كان مع ظنه غلبة قوية فلا شئ عليه من قضاء ولا كفارة لان ذلك فرضه لان الدليل قد فقد فصار تكليفه في عبادته غلبة ظنه فإن أفطر لا عن إمارة ولا عن ظن فيجب عليه القضاء والكفارة ويفهم منه الفرق بين ضعف الظن وقوته في الحكم مع فرض المسألة في صورة عدم القدرة على المراعاة وأوجب على الافطار مع الشك القضاء والكفارة وأما المصنف فقد فرض المسألة في صورة القدرة على المراعاة فإن مع عدم القدرة عليها لا مجال للقول بوجوب القضاء لأنه متعبد بظنه وفرق في هذه الصورة بين تحقق المراعاة وعدم تحققها فحكم في صورة عدم تحققها بوجوب القضاء خاصة جزما وفي صورة تحققها على الأشهر وفيه أن التعبد بالظن لا ينافي وجوب القضاء عند تبين الخلاف كمن صلى بظن الطهارة ثم تبين أنه كان محدثا فإنه يجب عليه إعادة الصلاة نعم ينافي الاثم وعدم الاثم لا يوجب عدم القضاء كما قال في صور المراعاة وتبين الخطأ بوجوب القضاء مع عدم مجال توهم الاثم في الافطار في هذه الصورة ويحتمل أن يكون نظره في اشتراط القدرة على المراعاة إلى الجمع بين الاخبار أو إلى العمل بالاخبار الدالة على عدم وجوب القضاء لكثرتها وإن لم يمكن الجمع فلا يرد عليه ما ذكرتم من أن منشأ الاختلاف في تلك المسألة تعارض الاخبار والأدلة ظاهرا فمن قال بوجوب القضاء خاصة مطلقا كالمفيد ومن قال بقوله نظر في وجوب القضاء إلى صراحة قوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل في وجوب إتمام الصيام إلى دخول الليل مع ما وقع عليه من الاجماع وورد على وفقه من الآثار وقد ظهر فيما نحن فيه خلافه وتبين عدم الاتمام الامتثال بتناول ما يفسده عمدا فيجب عليه لو فاقهم على وجوبه على كل مكلف أفسده عمدا وقت الأداء ولو ورد الآثار بذلك أقول وفي دخول هذا المتناول في العامد الذي انعقد الاجماع على وجوب القضاء عليه ووردت الآثار به تأمل وإلى ما رواه الكليني في الصحيح عن سماعة وأبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فرأوا أنه الليل فأفطر بعضهم ثم أن السحاب إنجلى فإذا الشمس فقال على الذي أفطر صيام ذلك اليوم إن الله عز وجل يقول فأتموا الصيام إلى الليل فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا وقد رواه أيضا بسنده عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال سئلته إلى اه وقوله (عليه السلام) على الذي أفطر صيام ذلك اليوم أي قضائه وكان نقل الآية الكريمة بالمعنى وفي التهذيب ثم أتموا الصيام إلى الليل والمراد بالتعمد في قوله (عليه السلام) لأنه أكل متعمدا مقابل النسيان والاكراه وإن كان مع الجهل بوجود النهار باعتبار الشبهة العارضة والتعمد الذي يوجب الكفارة ما كان مع العلم بوجود النهار ولذلك لم يحكموا بوجوب الكفارة هنا لان الأخبار الدالة على وجوب الكفارة إنما يدل على وجوبها على من تعمد الافطار في نهار شهر رمضان كما عرفت وشمولها للجاهل بالنهار غير ظاهر مع أن حكمها على خلاف الأصل ومن قال بعدم وجوب القضاء مطلقا كالصدوق ومن اختار رأيه تمسك بمقتضى الأصل فإن القضاء فرض مستأنف فلا يثبت إلا مع قيام الدليل عليه وبما رواه زرارة في الصحيح قال قال أبو جعفر (عليه السلام) وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك وتكف عن الطعام إن كنت أصبت منه شيئا وما رواه أيضا زرارة في الصحيح قال سئلت أبا جعفر (عليه السلام) عن وقت إفطار الصائم قال حين تبدو ثلاثة أنجم وقال الرجل ظن إن الشمس قد غابت فأفطر ثم أبصر الشمس بعد ذلك قال ليس عليه قضاؤه وما رواه أبو الصباح الكناني قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء غيم فأفطر ثم أن السحاب إنجلى فإذا الشمس لم تغب فقال قد تم صومه ولا يقضيه وما رواه زيد الشحام عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل ظن أن الليل قد كان وإن الشمس قد غابت وكان في السماء سحاب فأفطر ثم أن السحاب إنجلى فإذا الشمس لم تغب فقال تم صومه ولا يقضيه وما استمسك به الفريقان من الاخبار التي ذكرناها لا يخلو عن شئ أما الخبر الأول فلاشتمال سنده الأول على محمد بن عيسى عن
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503