القضاء وبهذه الاخبار أفتى بالخبر الذي أوجب القضاء عليه لأنه رواية سماعة بن مهران وكان واقفيا والظاهر منه أنه يقول في صورة الظن بعدم وجوب القضاء مطلقا عكس ما قال المفيد من وجوبه مطلقا وقال الشيخ في النهاية ومن شك في دخول الليل لوجود عارض في السماء ولم يعلم بدخول الليل ولا غلب على ظنه ذلك فأفطر ثم تبين بعد ذلك أنه كان نهارا كان عليه القضاء فإن كان قد غلب على ظنه دخول الليل ثم تبين أنه كان نهارا لم يكن عليه شئ وقريب منه قوله في التهذيب وهو أيضا مثل قول الصدوق ظاهرا بعدم وجوب القضاء في الظن مطلقا ويفهم منه أنه يقول بوجوب القضاء خاصة في صورة الشك بل ولا يبعد فهم الفرق منه بين قوة الظن وضعفه مع اشتراك الضعيف للشك في الحكم بقرينة لفظة غلب مع وصفه في المبسوط الامارة بالقوية كما عرفت ولقد فصل ابن إدريس فقال من ظن أن الشمس قد غابت لعارض يعرض في السماء من ظلمة أو قتام ولم يغلب على ظنه ثم تبين الشمس بعد ذلك فالواجب عليه القضاء دون الكفارة فإن كان مع ظنه غلبة قوية فلا شئ عليه من قضاء ولا كفارة لان ذلك فرضه لان الدليل قد فقد فصار تكليفه في عبادته غلبة ظنه فإن أفطر لا عن إمارة ولا عن ظن فيجب عليه القضاء والكفارة ويفهم منه الفرق بين ضعف الظن وقوته في الحكم مع فرض المسألة في صورة عدم القدرة على المراعاة وأوجب على الافطار مع الشك القضاء والكفارة وأما المصنف فقد فرض المسألة في صورة القدرة على المراعاة فإن مع عدم القدرة عليها لا مجال للقول بوجوب القضاء لأنه متعبد بظنه وفرق في هذه الصورة بين تحقق المراعاة وعدم تحققها فحكم في صورة عدم تحققها بوجوب القضاء خاصة جزما وفي صورة تحققها على الأشهر وفيه أن التعبد بالظن لا ينافي وجوب القضاء عند تبين الخلاف كمن صلى بظن الطهارة ثم تبين أنه كان محدثا فإنه يجب عليه إعادة الصلاة نعم ينافي الاثم وعدم الاثم لا يوجب عدم القضاء كما قال في صور المراعاة وتبين الخطأ بوجوب القضاء مع عدم مجال توهم الاثم في الافطار في هذه الصورة ويحتمل أن يكون نظره في اشتراط القدرة على المراعاة إلى الجمع بين الاخبار أو إلى العمل بالاخبار الدالة على عدم وجوب القضاء لكثرتها وإن لم يمكن الجمع فلا يرد عليه ما ذكرتم من أن منشأ الاختلاف في تلك المسألة تعارض الاخبار والأدلة ظاهرا فمن قال بوجوب القضاء خاصة مطلقا كالمفيد ومن قال بقوله نظر في وجوب القضاء إلى صراحة قوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل في وجوب إتمام الصيام إلى دخول الليل مع ما وقع عليه من الاجماع وورد على وفقه من الآثار وقد ظهر فيما نحن فيه خلافه وتبين عدم الاتمام الامتثال بتناول ما يفسده عمدا فيجب عليه لو فاقهم على وجوبه على كل مكلف أفسده عمدا وقت الأداء ولو ورد الآثار بذلك أقول وفي دخول هذا المتناول في العامد الذي انعقد الاجماع على وجوب القضاء عليه ووردت الآثار به تأمل وإلى ما رواه الكليني في الصحيح عن سماعة وأبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فرأوا أنه الليل فأفطر بعضهم ثم أن السحاب إنجلى فإذا الشمس فقال على الذي أفطر صيام ذلك اليوم إن الله عز وجل يقول فأتموا الصيام إلى الليل فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا وقد رواه أيضا بسنده عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال سئلته إلى اه وقوله (عليه السلام) على الذي أفطر صيام ذلك اليوم أي قضائه وكان نقل الآية الكريمة بالمعنى وفي التهذيب ثم أتموا الصيام إلى الليل والمراد بالتعمد في قوله (عليه السلام) لأنه أكل متعمدا مقابل النسيان والاكراه وإن كان مع الجهل بوجود النهار باعتبار الشبهة العارضة والتعمد الذي يوجب الكفارة ما كان مع العلم بوجود النهار ولذلك لم يحكموا بوجوب الكفارة هنا لان الأخبار الدالة على وجوب الكفارة إنما يدل على وجوبها على من تعمد الافطار في نهار شهر رمضان كما عرفت وشمولها للجاهل بالنهار غير ظاهر مع أن حكمها على خلاف الأصل ومن قال بعدم وجوب القضاء مطلقا كالصدوق ومن اختار رأيه تمسك بمقتضى الأصل فإن القضاء فرض مستأنف فلا يثبت إلا مع قيام الدليل عليه وبما رواه زرارة في الصحيح قال قال أبو جعفر (عليه السلام) وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك وتكف عن الطعام إن كنت أصبت منه شيئا وما رواه أيضا زرارة في الصحيح قال سئلت أبا جعفر (عليه السلام) عن وقت إفطار الصائم قال حين تبدو ثلاثة أنجم وقال الرجل ظن إن الشمس قد غابت فأفطر ثم أبصر الشمس بعد ذلك قال ليس عليه قضاؤه وما رواه أبو الصباح الكناني قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء غيم فأفطر ثم أن السحاب إنجلى فإذا الشمس لم تغب فقال قد تم صومه ولا يقضيه وما رواه زيد الشحام عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل ظن أن الليل قد كان وإن الشمس قد غابت وكان في السماء سحاب فأفطر ثم أن السحاب إنجلى فإذا الشمس لم تغب فقال تم صومه ولا يقضيه وما استمسك به الفريقان من الاخبار التي ذكرناها لا يخلو عن شئ أما الخبر الأول فلاشتمال سنده الأول على محمد بن عيسى عن
(٤٠٨)