يونس وسماعة وأبي بصير وفي الكل كلام وسنده الثاني على عثمان بن عيسى ولا نص على توثيقه مع فساد مذهبه وعلى سماعة وقد عرفته وأما الخبر الثاني فلعدم صراحته في عدم وجوب القضاء إذ ليس يلزم من مضى الصوم عدم القضاء وكذا لا صراحة له في أن الحكم بمضي الصوم للمفطر مع الظن أو الجزم و على الثاني لا يفيد مطلوبهم وأما الخبر الثالث فلاشتمال سنده على أبان وفيه كلام كما عرفت وقال العلامة في المختلف في القدح في هذه الرواية في طريقها أبان وإن كان هو ابن عثمان ففيه قول أقول وهذا لا يوافق ما نقلنا عنه سابقا في تحت خصال الكفارة فتذكر ولاشتمال متنه على اعتبار ظهور ثلاثة أنجم في وقت الافطار وقد نقلنا سابقا عن الشيخ أنه قال أنا لا نعتبر ذلك وإنما يعتبره أصحاب أبي الخطاب لعنه الله وأما الخبران الأخيران ففي غاية ضعف السند والشيخ في التهذيب جمع بين هذه الأخبار بحمل خبر سماعة على الشك والاخبار الباقية على الظن أقول وبعد لفظ خبر سماعة عن الحمل على الشك غير خفي ولعل حمله على الظن ضعيف ألصق بلفظة رأوا فتحمل الاخبار الباقية على الظن القوي الغالب ويرجع إلى ما ذهب إليه ابن إدريس وقال العلامة في المختلف واعلم أن قول ابن إدريس (ره) في غاية الاضطراب لأنه أوجب القضاء مع الظن وأسقطه مع غلبته ومنشأ خياله ما وجده في كلام شيخنا أبي جعفر (ره) أنه متى غلب على ظنه لم يكن عليه شئ فتوهم أن غلبة الظن مرتبة أخرى راجحة على الظن ولم يقصد الشيخ ذلك فإن الظن هو رجحان أحد الاعتقادين وليس للرجحان مرتبة محدودة يكون ظنا وأخرى تكون غلبة ظن ثم قوله إن أفطر لا عن إمارة ولا ظن وجب عليه القضاء والكفارة خطأ لأنه لو أفطر مع الشك لوجب عليه القضاء خاصة فهذا كله من كلام من لا يتحقق شيئا إنتهى أقول وأنا أظن أن كلام ابن إدريس ليس بهذه المرتبة من الاضطراب إذ الظاهر أن منشأ خياله الجمع بين الاخبار وقد عرفت أن الجمع بنحو ما ذكره أقرب بلفظ الخبر مما ذكره الشيخ في مقام الجمع وأما أن ابن إدريس لا يعمل بالاخبار الآحاد فكلام آخر لان العمل بها ظاهرا في فتاويه كثير ولا سبيل لنا إلى تحصيل ضابطته في العمل بالاخبار ولو كان منشأ خياله قول الشيخ أيضا فلا يمكن الجزم بأنه وهو لما بينا أن كلامه في النهاية يحتمل ذلك ويمكن حمل كلام المحقق في الشرائع أيضا على ذلك حيث قال في عد ما يوجب القضاء خاصة والافطار للظلمة الموهمة دخول الليل فلو غلب على ظنه لم يفطر وما أورده من أن الظن هو رجحان أحد الاعتقادين وليس للرجحان مرتبة محدودة تكون ظنا وأخرى تكون غلبة ظن ففيه أن مدار أمثال هذه الأمور على الاطلاقات العرفية وليس المناط التدقيقات العقلية وعدم تحديد مراتب الظن وقبوله للقسمة إلى غير النهاية من الاحكام العقلية وأما أهل العرف فيحدونه بنحو من التعيين الشائع عندهم في أمثال ذلك واستعمال قوة الظن وضعفه وغلبته ونقصه ومتاخمته للعلم بعده عنه في محاورات أهل العرف ومكالماتهم وأخبارهم وشهاداتهم أزيد من أن يشك فيه أحد ولا ريب في أن المتكلم يقصد مما يقوله معنى شايعا والسامع يفهمه ولو قال أحد إني أظن أن الامر كذا ظنا غالبا أو ضعيفا لا ينسبه أحد من السامعين سواء كان في غاية جودة الذهن أو نهاية البلادة إلى قصور في التكلم أو نقص في الإفادة فضلا عن الحكم بالبطلان أو العد من باب الهجر والهذيان وهل ذلك إلا لشيوع نحو من التعيين عندهم فما المانع من إناطة الحكم الشرعي بذلك أليس نظير ذلك في كثير من الاحكام كضبط كثرة المال وقلته وطبقات الملي والمتوسط والفقير وضبط تحمل المشقة وعدم تحملها عادة وغيرها مما لا يحصى ثم جزمه بأن إيجاب الكفارة على من أفطر مع الشك وتبين الخلاف خطأ فعجيب منه (ره) لأنه في المنتهى تردد أولا في وجوب الكفارة على من أفطر مع الشك واستمر الاشتباه و ذكر منشأ التردد ثم حكم بأن الأقرب عدم الوجوب فكيف يمكنه الجزم بخطأ من قال بوجوبها مع تبين الخلاف وأما ما يفهم من كلام المصنف في الجمع بين الاخبار من حمل خبر سماعة على من قدر على المراعاة وتركها والاخبار الباقية على من لم يقدر عليها فبعيد غاية البعد كما لا يخفى على من تأمل فيها لعدم التعرض لحديث القدرة فيها أصلا والظاهر من غشيان السحاب الأسود كما ورد في خبر سماعة عدم القدرة على المراعاة وبعد إحاطتك بما ذكرنا مفصلا تعرف أن الظاهر وجوب القضاء على القادر على المراعاة مع تفريطه فيها وإخلاله في الافطار على الظلمة الموهمة ونحوها ثم تبين الخطأ كما حكم به المصرة لعدم جواز هذا الافطار وظهور إخلاله بالصوم على الوجه الغير المأذون فيه شرعا فيلزمه القضاء ولا ظهور لشمول الأخبار الدالة على عدم وجوب القضاء له بل المتبادر منها عدم القدرة على المراعاة كما لا يخفى وأما من لم يقدر على المراعاة فلا يبعد القول بعدم وجوب القضاء عليه كما يظهر من كلام المصنف أيضا خصوصا في صورة قوة الظن لكثرة الأخبار الدالة عليه وعدم جواز طرحها رأسا بمجرد ظاهر خبر سماعة وأما الكفارة فساقطة في صورة الظن لما عرفت بل الظاهر من كلام الوفاق على ذلك كما قاله في المسالك وأما الشاك فوجوب القضاء عليه ظاهر مما ذكرنا في الكفارة احتياط ولو راعى فظن دخول الليل ثم تبين الخطأ ففي القضاء قولان أشهرهما القضاء والأظهر عدم وجوبه لعدم دليل صالح يدل عليه مع جواز إفطاره شرعا وأولويته ظاهرا بالنسبة إلى الظان الغير القادر على المراعاة وقد حكم فيه بعدم وجوب القضاء كما هو ظاهر النصوص والفرق بينه وبين المراعي للفجر الظان لبقاء الليل حيث ظهر من قيد ولما يرصد في كلامه عدم وجوب القضاء عليه كما شرحناه اعتضاد ظنه بالأصل الحاصل أي أصل بقاء الليل وجواز الافطار هناك أي مراعي الفجر ومخالفة الأصل
(٤٠٩)