عن القلس والجواب عن الأول بأنه لا ريب في أن القئ يستعمل في خروج الطعام عن المعدة إلى الفم كما ذكره صاحب المجمل وفسر ابن الأثير التقيؤ باستخراج ما في الجوف تعمدا ولا يعتبر فيه العود إلى الجوف بعد الخروج كما يشهد به العرف والاستعمال وتتبع أقوال الأطباء وغيرهم ويدل عليه قوله (عليه السلام) الراجع في هبته كالراجع في قيئه وذكر الجوهري الحديث في تفسير القئ وما قاله الخليل فكأنه على أصل اللغة أو لم يرد بالعود العود إلى الجوف بل أراد خروج الشئ بعد الشئ فإن القلس القذف يقال قلست الكأس إذا قذفت بالشراب لشدة الامتلاء والقئ ليس ذلك فإنه لو ارتفع شئ من المعدة دفعة بسبب حركة نفخ ونحوها لا يقال له القئ بل يعتبر فيه استمرار الخروج وعن الثاني بأن تحمل الرواية على عوده بغير قصد كما هو الغالب فلا يوجب الكفارة ولا القضاء أيضا كما هو الظاهر من الروايات على ما عرفت وقال الشيخ في التهذيب الوجه في هذا الخبر أنه إذا ازدرده بعدما صار في فمه ناسيا فأما إذا تعمد ذلك فقد أفطر ولزمه ما يلزم المفطر متعمدا وما ذكره الشيخ من الحمل على النسيان ألصق بلقط ازدرده مما ذكره المصنف (ره) من الحمل على عوده بغير قصد إلا أن يراد به مقابل العمد وعوده بغير قصد ظاهر موثقة عمار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن الرجل يخرج من جوفه القلس حتى يبلغ الحلق ثم يرجع إلى جوفه وهو صائم قال ليس بشئ ثم إن اللايق على رأي المصنف (ره) أن يعتبر ترك تعمد القئ في جملة التروك التي أعتبرها في الصيام أو البحث ولو ترك إيصال الغبار باعتبار دخوله في الاكل وذكر تعمد القئ لكان له وجه ويجب القضاء خاصة بسبق الماء بغير اختياره إلى الحلق إذا تمضمض أو استنشق للتبرد أو تسكين العطش أو التنظيف أو العبث لا للطهارة وضوء أو غسلا للصلاة وإزالة النجاسة فلو كانا لهما فلا شئ ولو ابتلع الماء عمدا فيجب القضاء والكفارة قال العلامة في المنتهى لو تمضمض لم يفطر بلا خلاف بين العلماء كافة سواء كان في الطهارة أو غيرها ثم قال أما لو تمضمض فدخل الماء إلى حلقه فإن تعمد ابتلاع الماء وجب عليه القضاء والكفارة وهو قول كل من أوجبهما بالاكل والشرب وإن لم يقصد بل ابتلعه بغير اختياره فإن كان قد تمضمض للصلاة فلا قضاء عليه ولا كفارة وإن كان للتبرد أو للعبث وجب عليه القضاء وهو قول علماؤنا وقال صاحب المدارك المعروف من مذهب الأصحاب جواز المضمضة للصائم في الوضوء وغيره بل قال في المنتهى ولو تمضمض لم يفطر بلا خلاف بين العلماء كافة سواء كان في الطهارة أو غيرها وربما ظهر من كلام الشيخ في الاستبصار عدم جواز المضمضة للتبرد أقول الوفاق على عدم الافطار كما يفهم من المنتهى لا يستلزم الوفاق على الجواز والظهر أن مراد الشيخ بعدم الجواز في الاستبصار بعدم الكراهة لأنه استدل عليه بما وقع في حديث يونس من قوله والأفضل للصائم إلا يتمضمض ثم مراد العلامة (ره) بقوله وهو قول علمائنا الشهرة لأنه قال في الفرع الخامس من الفروع التي ذكرها في هذه المسألة المشهور بين علمائنا أنه لا كفارة عليه إلا إذا تعمد الابتلاع ويلوح من كلام الشيخ في التهذيب وجوب الكفارة واستدل بما رواه سليمان بن جعفر المروي وقوله يلوح من كلام الشيخ باعتبار أنه في التهذيب استدل بالرواية على وجوب الكفارة على من تمضمض لغير الصلاة ودخل الماء حلقه وظاهر كلامه الدخول بغير الاختيار وفي الاستبصار حمل الرواية على من تمضمض للتبرد وتعمد الابتلاع فيظهر أن غرضه توجيه الرواية بما احتملته للجمع وليس غرضه الحكم والفتوى ككثير من أقواله في الكتابين ثم قد نقل عن طائفة من علمائنا الميل إلى وجوب القضاء على من تمضمض للصلاة المندوبة وسبق الماء إلى حلقه كما يظهر من كلام المصنف (ره) الميل إليه وهذا أيضا يدل على أن مراد العلامة الشهرة لا الاجماع والروايات الواصلة إلينا في هذه المسألة ما رووه أن النبي صلى الله عليه وآله لما سأله عمر عن القبلة وقال صنعت اليوم أمرا عظيما قبلت وأنا صائم قال أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم فقال لا بأس فقال فمه وما رواه حماد في الحسن عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الصائم يتمضمض و يستنشق قال نعم ولكن لا يبالغ والمراد بالمبالغة المنفية اما في العدد أو الكيفية بإيصال الماء إلى قرب الحلق وأعلى الانف أو كليهما وما رواه زيد الشحام عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الصائم يتمضمض قال لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرات وظاهر هذه الأخبار جواز المضمضة في الصوم مطلقا وما رواه موسى بن أبي الحسن الرازي عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال سئله بعض جلسائه عن السواك في شهر رمضان قال جائز فقال بعضهم إن السواك يدخل رطوبته في الجوف فقال ما تقول في السواك الرطب تدخل رطوبته في الجوف فقال الماء للمضمضة أرطب من السواك الرطب فإن قال قائل لا بد من الماء للمضمضة من أجل السنة قلنا فلا بد من السواك من أجل السنة التي جاء بها جبرئيل (عليه السلام) إلى النبي صلى الله عليه وآله وهذه الرواية يفيد جوازها للسنة وما رواه عمار الساباطي في الموثق قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء وهو صائم قال ليس عليه شئ إذا لم يتعمد ذلك قلت فإن تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء قال ليس عليه شئ قلت تمضمض الثالثة قال فقال قد أساء ليس عليه شئ ولا قضاء وهذا الخبر يدل على جوازها ما لم يبالغ وعدم إيجابها للقضاء مطلقا وإن سبق الحلق بغير عمد وما رواه سليمان بن جعفر
(٤١١)