الدقايق الشرعية وضبط حدودها وتعيين مراتبها بحسب الجزاء في الآخرة أو الأولى وما ذكره من إمكان دخولها في النص فقد عرفت الجواب عنه وأما التعليل الأخير فقال المصنف (ره) في شرح الارشاد وليس بجيد لان غاية المكره صدور فعل الاخر عنه زوالا فالتحقيق إنه كالصادر عنه فلا يزيد على ما هو مثله أو دونه على أن الوجوب على المطاوع ليس بالترك بل بإيجاد الرضا أو فعل الضد والظاهر أن غرضه (ره) القدح في أن الفاعل المكره أقوى من تارك المنع على ما ادعاه المعلل حتى لا يمكنه الاستدلال بمفهوم الموافقة ويرجع إلى القياس الغير المعمول وحاصله إن غاية ما يمكن أن يتوهم في شأن الفاعل المكره صدور فعل الاخر أعني القابل المكره عنه والمراد بفعله ترك المنع وذلك الصدور عن الفاعل باعتبار إكراهه للقابل وسلبه لممانعته إياه وإنما قلنا إن ذلك غاية ما يمكن أن يتوهم لأنا إن لم نقل بالغاية فالتحقيق إن الفاعل بمنزله الصادر عنه باعتبار عليته ومنشأيته للصدور وليس يصدر الفعل عنه حقيقة وعلى هذا فلا يزيد فعل الفاعل المكره على ما أي على فعل والمراد فعل القابل هو أي فعل الفاعل مثله على التوهم أو دونه على التحقيق والضمير المضاف إليه في الكلمتين لكلمة ما أعني فعل القابل وعلى هذا فلا يمكن دعوى أولويته بوجوب الكفارة وينهدم بنيان التعليل والمراد بالعلاوة الوجوب الكفارة على القابل المطاوع ليس بسبب ترك المنع كما ادعاه المعلل حتى يتوهم صدوره عن الفاعل المكره بل باعتبار إيجاد الرضا بأصل الفعل أو باعتبار فعل الضد أي الكف عن الممانعة والمدافعة ومن البين إنه لا يمكن توهم صدور واحد منهما عن الفاعل المكره إذ لا وجود لشئ منهما مع الاكراه وأما في الأجنبي فلمثل ما ذكر في الأجنبية يسوى أمان دخوله في النص وقد عرفت ضعفه وأما تحمل المرأة لو أكرهته فلعدم الفرق بين الطرفين في تعلق الفعل بهما واستقلال كل منهما بإيقاعه لو أكره الاخر عليه فيلزم كلا منهما ما يلزم الاخر ولا يرجع ذلك عند التحقيق إلا إلى القياس الذي لا نعمل به إلا في الأخير أي الأجنبي لو أكرههما لأنه خارج عن الفعل ولا تعلق له به من حيث الصدور أو القبول وإن كان سببا ومنشئا لوقوعه ولا دليل على أن منشائية الوقوع من غير الطرفين موجبة للتكفير المخالف للأصل ثم إن النظر الذي ذكره المصنف (ره) وارد في إكراه الزوج المفطر كالمسافر أو المريض للزوجة الصائمة على الجماع فقيل يتحمل الكفارة عنها كما يتحمل الصايم والأقرب عدم التحمل لان التهجم على القبيح معا الصوم أقبح وأشد وسيصرح به المصنف (ره) بقوله ولو أكره المجنون أو المسافر زوجته فلا تحمل وقس عليه حكم جماع الصائم للزوجة النائمة الصائمة لعدم اشتماله على قبح تهجم الاكراه وعدم العلم بحالها من المطاوعة والمنع على تقدير اليقظة وألحقها الشيخ (ره) بالمكره واعلم إن العلامة (ره) قال في المنتهى تفريعا على القول بالترتيب في كفارة الصيام إذا أكرهها فهل الكفارتان عنه أو كفارة عنه وكفارة عنها بتحملها بسبب الاكراه فيه تردد أقربه إنهما معا عنه أقول وقد ظهر وجه ما قربه مما ذكرنا سابقا ثم قال فإن قلنا إنهما عنهما فإن اتفق حالهما وكانا من أهل العتق أعتق رقبتين وإن كان من أهل الصيام صام أربعة أشهر وإن كانا من أهل الاطعام أطعم مائة وعشرين مسكينا وإن اختلف حالهما فإن كان هو أعلى أعتق عن نفسه وهل يجوز له أن يصوم عنها فيه تردد أقربه لا يجوز لان الكفارة وإن كانت عنها إلا إنه بالاكراه تحملها وكان الاعتبار بقدرته أقول والأقرب خلاف ما قربه (ره) لان المتبادر من تحمله كفارتها على ما هو المفروض تحمل نفس ما يجب عليها وأصل البراءة أيضا يعضده ثم قال وإن كانت هي أعلى حالا منه وجب عليه ما يقدر عليه هو ولا اعتبار بحالها أقول وذلك ظاهر إذ لا تكليف إلا على وفق القدرة ولو نزع المجامع لما طلع الفجر من غير تلوم فلا شئ عليه من القضاء والكفارة لاتيانه بما كلف به من غير تفريط ولأن ذلك تركا للجماع فلا يتعلق به حكم الجماع كما لو حلف أن لا يدخل بيتا وهو فيه فخرج منه وقال بعض الجمهور يجب الكفارة لان النزع جماع يلتذ به فيتعلق به ما يتعلق بالاستدامة كالايلاج والجواب إن البحث فيما لو نزع غير متلذذ ولو فرضنا لزوم قدر منه للنزع المأمور به فلا يوجب شيئا إن لم يعضده ثم إن ما ذكرناه مشروط بإرصاده قبل الاشتغال وحصول ظنه بسعة الوقت لايقاعه والغسل ثم ظهر خلافه وإلا فإن ظن الضيق واشتغل فيجب عليه القضاء والكفارة لافساده للصوم بالجماع أو البقاء على الجنابة متعمدا وخالف أبو حنيفة في وجوب الكفارة لان وطيه لم يصادف صوما صحيحا فلم يوجب الكفارة وضعفه ظاهر وإن لم يكن الضيق مظنونا له ولم يرصد فيجب عليه القضاء خاصة على ما سيجئ بعد هذا من قوله ويجب القضاء خاصة بتناول المفسد ظانا بقاء الليل ولما يرصد ولو استدام كفر وقضى لصدق الجماع وظهور عدم اختصاصه بالايلاج وكذا لو نزع بنية الجماع وقصد التلذذ بتقريب ما تقدم ويتعلق الكفارة بتناول غير المعتاد من المأكل والشرب خلافا للمرتضى أسقط القضاء أيضا وقد مر البحث عن هذه المسألة مفصلا في ذكر التروك المعتبرة في الصوم ونقل السيد المرتضى وجوبه أي القضاء خاصة حيث
(٤٠٣)