بين الاخبار ولو حمل على الوجوب يلزم طرح الأخبار الدالة على التخيير صريحا ومن العجب أن العلامة (ره) في المختلف ذكر في أدلة القول بالتخيير خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله الدال ظاهرا على وجوب الاطعام وذكر في أدلة القول بالترتيب خبر جميل بن دراج مع صراحته في التخيير وأوله لا يدل إلا على وجوب الصدقة كخبر جميل ولو أفطر على محرم بالأصالة أو بالعارض كزنا أو مال محرم وجبت الثلاثة المذكورة جمعا على الأقرب وإليه ذهب الصدوق وابن حمزة وهو ظاهر الشيخ في كتابي الاخبار والمشهور خلافه حجة ما قربه المصنف ما تقدم من رواية عبد السلام بن صالح الهروي عن الرضا (عليه السلام) وقد مر البحث عن سندها وقال المحقق (ره) في المعتبر بعد نقل هذه الرواية ولم يظهر العمل بهذه الرواية بين الأصحاب ظهورا يوجب العمل بها وربما حملناها على الاستحباب ليكون آكد في الزجر أقول ويؤكد الرواية ما قاله الصدوق في الفقيه بعد نقله للرواية الدالة على الكفارة الواحدة وأما الخبر الذي روي فيمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا إن عليه ثلاث كفارات فإني أفتي به فيمن أفطر بجماع محرم عليه أو بطعام محرم عليه لوجود ذلك في روايات أبي الحسين الأسدي فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري انتهى. والشيخ الجليل أبو جعفر العمري من وكلاء الناحية المقدسة فالظاهر اتصال ذلك بالقائم (عليه السلام) فالمصير إليه راجح مع ما فيه من مراعاة الاحتياط وربما قيل يؤيد هذه الرواية أيضا ما رواه سماعة بسند فيه عثمان بن عيسى قال سئلته عن رجل أتى أهله في رمضان متعمدا فقال عليه عتق رقبة وإطعام ستين مسكينا وصيام شهرين متتابعين وقضاء ذلك اليوم وأنى له مثل ذلك وذلك لان ظاهر هذا الخبر وجوب الثلاثة لاتيان الأهل وحيث لا يمكن القول به مطلقا فيحمله على من أتى أهله في وقت لا يحل له ذلك في غير الصوم مثل الوطئ في الحيض أو في حال الظهار قبل الكفارة أقول بعد هذا التأويل واضح جدا وهو أحد تأويلي الشيخ لهذا الخبر ولعل الأقرب تأويله الاخر أي حمل الواو على التخيير دون الجمع كما قال الله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع وإنما أراد مثنى أو ثلاث أو رباع ولم يرد الجمع ويمكن الحمل على الاستحباب أيضا كما قاله المحقق في الخبر السابق وحجة القول أي وجوب الكفارة الواحدة مطلقا أصل براءة الذمة والأخبار المتقدمة الصحيحة وغيرها الدالة على الكفارة الواحدة من غير استفصال ولو عجز في صورة الافطار بالمحرم عن بعضها كالعتق مثلا ففي وجوب بدله حتى يجب عليه صيام أربعة أشهر مثلا نظر باعتبار سقوط التكليف بالعتق للعجز إذ لا تكليف بما لا يطاق والأصل براءة الذمة عن وجوب أمر آخر ولأجل أن الصيام بدل عنه شرعا فيثبت مع العجز عنه ووجوب الصايم عليه أصالة فيما نحن فيه لا يمنع عن وجوبه بدلا أيضا ولكن الكلام في تحقق دليل شرعي يدل على وجوبه بدلا عنه مطلقا لان الأخبار الواردة في بدليته ظاهرة في التخيير بين الخصال أو الترتيب المفقودين ههنا نعم لو عجز عن الجميع صام ثمانية عشر يوما أو تصدق بما يطيق كما سيأتي في الدرس الآتي من اختيار المصنف (ره) ذلك للجمع بين الروايتين وإن كان الأول أشهر ويجب القضاء خاصة من غير كفارة بتناول المفسد ظانا بقاء الليل بحكم الاستصحاب أو لامارة غير شرعية يعضدها الاستصحاب كالظلمة الظاهرة في الهواء أو تخمين مضي الزمان ونحوهما ويخدش الأول قوله بعد ذلك لاعتضاد ظنه بالأصل هناك الثاني أنه يدل على وجوب الكفارة لو أفطر بمجرد الاستصحاب من غير مراعاة ولا إمارة والقول به لا يخلو عن إشكال ولما يرصد قبل التناول مع القدرة على الارصاد وملاحظة العلامات الشرعية لعرفان الفجر ثم تبين خلاف ظنه ووقوع التناول بعد طلوع الفجر وتركه المصنف للظهور وإشعار لفظ تناول المفسد به فأما مع عدم تبين الخلاف أو مع الارصاد أو مع عدم القدرة عليه لغيم أو حبس أو عمى حيث لا يجد من يقلده فلا قضاء أيضا لعدم ظهور ما يوجبه على الأول وعدم تفريطه على الثاني بل على الثالث لتعبده بظنه مع اعتضاده باستصحاب الليل وقد قال الله تعالى ثم كلوا واشربوا حتى يتبين لكم ومقتضى ما ذكره وإن كان عدم وجوب القضاء في الصورة المفروضة في المتن أيضا ولكن تفريطه بترك المراعاة وعدم إتيانه بالمأمور به والأخبار الواردة عن المعصومين (عليهم السلام) لم يدل على وجوبه كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن رجل تسحر ثم خرج من بيته وقد طلع الفجر وتبين فقال يتم صومه ذلك ثم ليقضه وإن تسحر في غير شهر رمضان بعد طلوع الفجر أفطر ثم قال أن أبي كان ليلة يصلي وأنا آكل فانصرف فقال أما جعفر فقد أكل وشرب بعد الفجر فأمرني فأفطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان وقوله (عليه السلام) وإن تسحر في غير شهر رمضان أي إذا لم يتعين صومه على الخصوص بسبب وهو ظاهر ثم إن قول السائل تسحر ثم خرج من بيته محمول على التسحر قبل المرعاة كما هو الظاهر ليترتب عليه حكمه (عليه السلام) بوجوب القضاء فلا يبعد ادعاء ظهور أن المراد بالتسحر في قوله (عليه السلام) وإن تسحر رمضان هذا التسحر كما يشعر به ما ذكره من قصته مع أبيه لعدم جواز خطأه (عليه السلام) مع المراعاة فلا يقتضي ذلك الحكم بفساد الصوم في غير شهر رمضان بتناول المفطر بعد طلوع الفجر سواء كان الصوم واجبا أو مندوبا وسواء كانت التناول مع المراعاة أو بدونها كما ذكره في المدارك ورواية سماعة بن مهران وفي سندها عثمان بن عيسى قال سألته عن رجل أكل وشرب بعدما طلع الفجر في شهر رمضان فقال إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثم عاد فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه وإن كان
(٤٠٦)