صوما واجبا في رمضان بفعل المفطر فاستقرت الكفارة كما لو لم يطرء العذر والجواب المنع من وجوب الصوم في نفس الامر وعندنا وكونه مكلفا في الابتداء بالصوم ظاهرا لا يقتضى وجوبه في نفس الامر فأنا بينا عدم الوجوب وإلا لزم التكليف بالمحال فإنه في أول هذا اليوم لو كان مكلفا بالصوم المشروط بالطهارة مع تعذر حصولها لزم التكليف بالمحال والاجماع الذي ذكره الشيخ لم يثبت عندنا انتهى أقول وبما ذكرنا ظهر اندفاع جوابه عن احتجاج الشيخ لان التكليف بالمحال إنما يلزم لو كلف بإتمام صيام هذا اليوم ولا يلزم لاتمام احتجاج الشيخ القول به بل يكفي فيه وجوب الامساك والكف عن الافطار إلى وقت تجدد أحد الاعذار وذلك الوجوب ما لا مانع منه بل هو ما اتفقوا عليه كما يظهر من كلامهم على ما عرفت وقد ظهر وجه الكفاية مما ذكرنا مفصلا وقال صاحب المدارك ذكر العلامة ومن تأخر عنه أن مبنى هذه المسألة على قاعدة أصولية وهي أن المكلف إذا علم فوات شرط الفعل هل يجوز أن يكلف به أو يمنع فعلى الأول يجب الكفارة وعلى الثاني تسقط وعندي في هذا البناء نظر إذ لا منافاة بين الحكم بامتناع التكليف مع علم الامر بانتفاء الشرط كما هو الظاهر وبين الحكم بثبوت الكفارة هنا لتحقق الافطار في صوم واجب بحسب الظاهر كما هو واضح انتهى أقول من المعلوم إن بناء قول من يجوز التكليف بالمشروط مع علم الامر بانتفاء الشرط ليس على جواز التكليف بالمحال بل على أن التكليف بحسب الظاهر لفوايد يترتب عليه من دون إرادة المكلف به أو على أن التكليف به إلى وقت تجدد العذر وإن لم يتم الفعل ففي الحقيقة يرجع إلى التكليف بالاشتغال به والآتيان ببعضه الذي يتسعه الوقت إلى حين فوات الشرط بتجدد العذر فما ذكره (ره) من الحكم بثبوت الكفارة هنا إذ لا مخالفة حينئذ للامر أصلا حتى يحتاج إلى الكفارة والكفارة الواجبة في إفطار صوم رمضان بالمفطرات المعدودة على الشروط المذكورة عتق رقبة وسيجئ بيان شرطها أو صيام شهرين متتابعين وسيذكر بعد ذلك معنى التتابع أو إطعام ستين مسكينا وسيأتي ذكر قدره وبيان كيفيته أما كون الخصال هذه فبالاتفاق وأما التخيير بينها فعليه الأكثر كالمفيد وابني بابويه وابن الجنيد والشيخ في أكثر كتبه وتردد في الخلاف والسيد المرتضى في أحد قوليه وأبى الصلاح وسلار وابن البراج وابن إدريس والمحقق والعلامة وجمع من المتأخرين ويدل عليه أن الأصل براءة الذمة من الترتيب وما تقدم ذكره في أول الدروس في البحث عن وجوب الكفارة من الروايات كرواية أبو هريرة لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) وصحيحة جميل بن دراج عن أبي عبد الله (عليه السلام) وموثقة عبد الرحمن بن أبي عبد الله بابان عن أبي عبد الله (عليه السلام) وقد مر البحث منا عن هذه الروايات مفصلا وأورد العلامة في المختلف على الاحتجاج بخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله أن في سنده أبان بن عثمان الأحمر وكان ناووسيا وأجاب بأن أبان وإن كان ناووسيا إلا أنه كان ثقة وقال الكشي أنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح نقله عنه والاجماع حجة قاطعة ونقله بخبر الواحد حجة أقول وهذا الجواب منه (ره) يشعر بحمله الاجماع في هذا الكلام على الاجماع المصطلح أي اتفاق جمع دخل فيهم الإمام (عليه السلام) وبعده ظاهر جدا بل المراد به اتفاق المتقدمين من المجتهدين الباحثين عن الاخبار العارفين بحال الرجال الناقلين للآثار ثم الظاهر أن المراد بهذه العبارة أنهم اتفقوا على أن اشتمال سند الخبر على هذا الرجل لا يخل بصحته إن كان باقي الرجال عد ولا بل هو في حكم الصحيح عندهم وإن كان هذا الرجل فاسد المذهب ويحتمل على بعد أن يكون المراد الاتفاق على صحة سند الخبر باعتبار نفسه من كان فوقه أيضا إلى أن ينتهى إلى الإمام (عليه السلام) في خصوص ما يرويه عنهم أو مطلقا حتى يكون روايته دليل عدالة المروى عنه والأخير بعيد جدا ومع قطع النظر عن البعد لا يفيد مع قيام الاحتمال ويدل على التخيير أيضا ما رواه سماعة بن مهران في الموثق عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن معتكف واقع أهله قال عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا عتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا وقال الحسن بن أبي عقيل والمرتضى في أحد قوليه مرتبة فيجب العتق أولا ومع العجز عنه الصيام ومع العجز عنه الاطعام والدليل على الترتيب الاحتياط وإن شغل الذمة بالكفارة معلوم ومع عدم مراعاة الترتيب لا يحصل يقين البراءة فتبقى في العهدة ويدل عليه أيضا من الأخبار المتقدمة ما رواه سعيد ابن المسيب عن النبي صلى الله عليه وآله وما رواه أبو هريرة عنه صلى الله عليه وآله وما رواه عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري عن أبي جعفر (عليه السلام) وما رواه المشرقي عن أبي الحسن (عليه السلام) والجواب عن الأول بأن الاحتياط معارض بأصالة براءة الذمة وعن الثاني بأن القدر المعلوم من الشرع اشتغال الذمة بأحدها ومع الاتيان بواحد منها يحصل يقين البراءة مما علم اشتغال الذمة به والحكم بشغل الذمة بالزايد يحتاج إلى دليل لم يوجد وقد تقدم الكلام على الاخبار مع إمكان حمل الترتيب الذي يستفاد منها ظاهرا على الاستحباب ليحصل الجمع
(٤٠٥)