أنه قال من أفطر يوما من شهر رمضان خرج روح الايمان منه ومن أفطر في شهر رمضان متعمدا فعليه كفارة واحدة وقضاء يوم مكانه وأتى له بمثله وأما وجوب القضاء والكفارة في الأربعة الأخيرة من الثمانية ففيه خلاف بين الأصحاب وقد مر البحث عنه مفصلا عند ذكرها إلا عن وجوب الكفارة على من تعمد البقاء على الجنابة ووجوبها هو المشهور بين الأصحاب فإليه ذهب الشيخان على بن بابويه وابن الجنيد وسلار وأبو الصلاح و المحقق والعلامة وقال محمد بن إدريس والأقوى عندي وجوب القضاء والكفارة فيه للاجماع على ذلك من الفرقة ولا يعتد بالشاذ الذي يخالف في ذلك وعد ابن حمزة ما يفطر ويوجب القضاء والكفارة إجماعا بين الطائفة البقاء على الجنابة عمدا من غير ضرورة حتى يطلع الفجر ونقل في المختلف عن انتصار السيد أن مما انفردت به الإمامية إيجابهم على من أجنب في ليل شهر رمضان وتعمد البقاء إلى الصباح من غير اغتسال القضاء والكفارة ومنهم من يوجب القضاء دون الكفارة ونقل عن جملة أنه نسب ذلك إلى الروايتين ونقل في المنتهى عن ابن أبي عقيل القول بوجوب القضاء خاصة وقال وهو الظاهر من كلام السيد المرتضى ومستند وجوب الكفارة كما ذهب إليه الأكثر ما نقلناه سابقا عن المختلف في وجوب القضاء من أن الانزال نهارا موجب للقضاء والكفارة فكذا استصحاب الانزال وقد عرفت ضعفه وما روى عن أبي بصير وقال في المختلف في الموثق وكأنه أراد إلى أبي بصير وكانت له قرينة على أنه الثقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح قال يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا قال وقال أنه خليق أن لا أراه يدركه أبدا وقيد التعمد ربما يشعر بأن من كان في نيته الغسل فنام أو ظن بقاء الليل أو ذهل عن ذهابه فطلع عليه الفجر لا يجب عليه ذلك وقال المحقق (ره) في المعتبر بعد نقل هذه الرواية وبهذه أخذ علماؤنا إلا شاذا وما روى عن سليمان بن جعفر المروى عن الفقيه (عليه السلام) قال إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل ولا يغتسل يصبح فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم ولا يدرك فضل يومه وقد عرفت أن وجوب صيام الشهرين لا ينافي في التخيير بين الثلاثة وأن يكون له بدل وما روى عن إبراهيم بن عبد الحميد وفى بعض نسخ التهذيب عن عبد الله عن بعض مواليه قال سئلته عن احتلام الصائم قال فقال إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فليس له أن ينام حتى يغتسل وإن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام ساعة حتى يغتسل فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم ويتم صيامه ولن يدركه أبدا وما وقع في هذه الرواية من منع المحتمل عن النوم بمحمول على الكراهة كما سلف قال صاحب المدارك وهذه الرواية كلها ضعيفة السند فيشكل بالتعويل عليها في إثبات حكم مخالف للأصل ومن هنا يظهر رجحان ما ذهب إليه ابن أبي عقيل والمرتضى (ره) من أن الواجب بذلك القضاء دون الكفارة أقول ولا يبعد أن يق أن ضعفها ينجبر بهذه الشهرة العظيمة وعمل الأصحاب ولا ينبغي الجرئة على مخالفتهم واستدل لما ذهب إليه الحسن بالأصل وبروايات سبق ذكرها في بحث من نام على الجنابة كصحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) وصحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن (عليه السلام) ورواية إسماعيل بن عيسى عن الرضا (عليه السلام) والأصل يعدل عنه بروايات اشتهر العمل بها بين الأصحاب وقد مر البحث عن الروايات الواردة في نوم الجنب وسيجئ ما بقي من البحث عنها مع أن رواية إسماعيل لا ينطبق على مذهب الحق لدلالتها على سقوط القضاء أيضا وهو لا يقول به فلا بد من حملها على التقية أو تأويلها ثم اعلم أن القضاء في كل موضع يجب منفرد أو منضما إلى الكفارة فإنه يجب يوم مكان يوم على القاعدة المطردة في قضاء ساير العبادات كالصلاة والحج وغيرهما فإنه يجب بحسب الأداء في الجميع وعليه إجماع الفرقة وهو قول عامة الفقهاء ويدل عليه ظاهر الآية الكريمة في الافطار بالمرض والسفر وصريح الاخبار في الافطار مطلقا وحكى عن ربيعة أنه قال يجب مكان كل يوم إثنا عشر يوما وقال سعيد بن المسيب أنه يصوم عن كل يوم شهرا واحتج ربيعة بأن رمضان يجزى عن السنة و هي إثنا عشر شهرا فكل يوم منه في مقابله اثني عشر يوما من غيره وفساده واضح إذ لا دليل على وجوب صوم السنة والاجتزاء عنه برمضان وكذا لا يكفر الجاهل بالتحريم على الأقوى والأشهر بين المتأخرين لما عرفت مفصلا من اختصاص أدلة وجوب الكفارة بمن أفطر متعمدا ولرواية زرارة وأبى بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) والأصل براءة الذمة وإن كان الاحتياط في التكفير ولا يكفر الجاهل بالتحريم ولو كان إفطاره بعد إفطاره ناسيا للصوم إذا توهم إباحة الافطار له حينئذ لأجل فساد صومه بما فعله نسيانا وإطلاق الافطار باعتبار أنه إفطار على تقدير تذكر الصوم والعلم بالتحريم وهذا فرد خفى للجاهل بالتحريم لعلمه بتحريم أصل الفعل ولكن عرضت له شبهة في تحريمه في خصوص تلك الحال ووجه عدم تكفيره ما عرفت من سقوط الكفارة عن الجاهل بالحكم وهذا جاهل حقيقة وفى حكم تعمد البقاء على الجنابة في وجوب القضاء والكفارة الاعراض عن نية الغسل إذا طلع عليه الفجر جنبا وإن كان نائما أو ذاهلا عن انقضاء الليل وطلوع الفجر أو ظانا بقاء الليل فظهر فساد ظنه وطلع الفجر لأنه بإعراضه عن نية الغسل عامدا للبقاء على الجنابة حقيقة وكذا في حكم تعمد البقاء على الجنابة معاودة النوم على الجنابة بعد انتباهتين إذا طلع الفجر عليه في النومة الثالثة ذهب إليه
(٣٩٩)