مطلوب وإن جاز الخروج عند العارض بدونه أو أن فايدته سقوط القضاء فنقول لا ريب في أن صحيحة أبي ولاد وصحيحة محمد بن مسلم تدلان على ما قلناه واحتج مالك على عدم صحة الاشتراط بأن ذلك شرط المنافي في العبادة فلا يصح كما لو شرط الجماع والاكل في الصلاة وما ذكره من أنه شرط المنافي في العبادة ففاسد إذ لا نقول باشتغاله بالاعتكاف مع الخروج المنافي له بل نقول بتركه للاعتكاف عند الخروج فيرجع إلى الاشتغال بالعبادة في زمان دون زمان ولا محذور فيه ولو قيل إن الاعتكاف لا يكون إلا في أيام معينة فشرط الخروج عنه في أثنائها شرط الابطال العلم فلا يجوز كما لا يجوز شرط الخروج عن الصلاة وإبطالها فنقول أولا إن اشتراط الأيام في الاعتكاف خلاف مذهبه وثانيا إن العبادات يختلف حالها شرعا في جواز الخروج عنها وإبطالها فمنها ما لا يجوز إبطاله والخروج عنه إلا عند الاضطرار والتعذر العرفي أو الشرعي كالصلاة الواجبة وصوم شهر رمضان وغيرهما من العبادات التي علم من جهة الشارع إن حكمها ذلك ومنها ما يجوز الخروج عنه مطلقا كالصلاة المندوبة والصوم المندوب وغيرهما من العبادات المعلومة ومنها ما يجوز الخروج في وقت دون وقت كصوم قضاء شهر رمضان قبل الزوال وبعده فلم لا يجوز أن يكون حكم بعض العبادات شرعا كالاعتكاف الواجب ولو بمضي يومين جواز الخروج عنه عند عروض المانع الضعيف ولكن بشرط التعرض لذلك وقت الشروع فيه على سبيل الاشتراط بين العبد العابد وربه المعبود جل اسمه ولو قيل نطالبكم بدليل ذلك من الشرع ففيما ذكرناه كفاية إن شاء الله تعالى ثم أشار المصنف (ره) إلى فايدة هذا الاشتراط بقوله فيرجع عند العارض وإن مضى يومان على الأقرب لدلالة صحيحة محمد بن مسلم عليه وفاقا للنهاية كما نقلنا وخلافا للمبسوط كما مر في المتن ووجه ما أفاده (ره) في المبسوط غير ظاهر لنا ويحتمل أن يكون الباعث عليه حمل بعض الأخبار الدالة على جواز الخروج قبل مضي اليومين على صورة الاشتراط لان رأيه عدم جواز الخروج بدون الشرط مطلقا كما عرفت ويرجع مع الاشتراط عند العارض سواء تعين الزمان بالنذر وشبهه أو لا بل كان مطلقا وذلك لان الامر بالاشتراط عند الاعتكاف وقع مطلقا وكذلك جواز الخروج معه عند العارض فيخرج عملا بالشرط ولو جعل شرط الرجوع متى شاء اتبع لورود الشرط مطلقا في بعض الاخبار ولم يتقيد جواز الخروج حينئذ بالعارض بل يخرج متى شاء من دون عارض عملا بالشرط وكلام العلامة في التذكرة ظاهر في خلاف ذلك حيث قال وإنما يصح اشتراط الخروج مع العارض فلو شرط الجماع في اعتكافه أو الفرجة أو النزهة أو البيع أو الشراء للتجارة أو التكسب بالصناعة في المسجد لم يجز وظاهر كلامه في المنتهى وكلام المحقق في المعتبر أيضا خلافا ذلك وصرح الشهيد الثاني بخلافه فقال في المسالك لا يجوز اشتراط الخروج بالاختيار أو إيقاع المنافي كذلك ولا يخلو ذلك عن وجه لان ظاهر أكثر الاخبار التقييد بالعارض باعتبار التصريح به أو التشبيه بالمحرم خصوصا موثقة عمر بن يزيد عن الصادق (عليه السلام) كما عرفت فما وقع مطلقا يحمل على الاشتراط المعهود في الاعتكاف والاحرام فيشكل الحكم بجواز الخروج المعلوم تحريمه شرعا بمجرد ذلك ثم أشار إلى وقت الاشتراط في النذر وشبهه إذ في المتبرع به ظاهران محله عند نيته فقال ولو جعل الشرط في نذره أو عهده أو يمينه فكذلك حكمه يخرج عند العارض أو متى شاء ولو خلى النذر من الشرط فلا عبرة بالشرط عند الشروع في الاعتكاف إذ الموجب له النذر فإذا وجب به من غير شرط فلا أثر للاشتراط عند الشروع في الاعتكاف وصرح بذلك العلامة في المنتهى والمحقق في المعتبر والشهيد الثاني في المسالك وقال صاحب المدارك ولم أقف على رواية تدل على ما ذكروه من شرعية اشتراط ذلك في عقد النذر وإنما المستفاد من النصوص إن محل ذلك نية الاعتكاف مطلقا ولو قيل بجواز اشتراطه في نية الاعتكاف المنذور إذا كان مطلقا لم يكن بعيدا خصوصا على ما أشرنا إليه سابقا من مساواته للمندوب في عدم وجوب المضي فيه إلا بمضي اليومين ونحوه قال خالي طاب ثراه أيضا ولا يخلو ذلك عن تأمل إذ بعد ما دل الدليل على أن محل الاشتراط وقت النذر كما عرفت فلا استبعاد في حمل إذا اعتكف أو في اعتكافك الواقع في النصوص على ما يشمل ذلك أو على استحباب التعرض للشرط وقت الدخول بعد تحقق الاشتراط في حال إيقاع النذر نعم لو لم يجب المضي في المنذور المطلق إلا بمضي اليومين كما ذكره فيصح الاشتراط عند الدخول فيه كالمندوب ولكن كلامهم في المنذور الذي يوجب المضي فيه بالنذر وإذا خرج للشرط في الاعتكاف المندوب فلا قضاء وإن كان بعد مضي اليومين لجواز الخروج شرعا مع عدم دليل يدل على وجوب القضاء وأصالة البراءة وإن كان الخروج للشرط في الواجب المعين سواء شرط التتابع لفظا أم لا فكذلك لا قضاء ولا يجب إتمامه أيضا التعين المنذور في الفعل المعين ووقوع الخروج بتجويز الشارع بحسب الشرط فلا شئ عليه بعد لأصالة البراءة وإن كان النذر غير معين ففي القضاء أي الاتيان بالاعتكاف بعد الخروج نظر فيتحمل عدم وجوب القضاء لاتيانه بمتعلق النذر ووقوع الخروج عنه سايغا فلا شئ عليه كالسابق ويحتمل وجوبه لاشتغال ذمته بسبب النذر بالاعتكاف مطلقا ولم يتعين في هذا الفعل فإذا لم يخرج عن العهدة في هذا الوقت باعتبار الخروج للعارض فيجب عليه الاتيان به ثانيا لبقاء وقته كما لو نذر صوم يوم ودخل في صوم الخميس بقصد الاتيان بالصوم المنذور ثم أفطر في أثناء النهار فيجوز له هذا الافطار ويجب عليه الاتيان بالنذر في يوم آخر كما مر في بحث الصوم والفرق إن متعلق النذر ثمة لا ريب إنه صوم يوم ولم يأت به في الخميس فيجب الاتيان به في يوم آخر ومتعلق النذر هنا لا يبعد أن يكون الاعتكاف
(٥٠٥)