بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي، فعمل في قوانين الرواية كتابا سماه " الكفاية " وفي آدابها كتاب سماه " الجامع لآداب الراوي والسامع " وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردا، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: كل من اتصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه ".
وفي كتاب " الكفاية " هذا، عالج الحافظ الخطيب البغدادي بحوثا هامة في علوم الحديث فتكلم عن التسوية بين حكم كتاب الله تعالى وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب العمل ولزوم التكليف وعن تخصيص السنة لعموم القرآن، وتفصيلها لمجمله كما تكلم عن الاخبار وأقسامها، وعن الخبر المتصل الموجب للقبول والعمل والعمل، وما يستعمله علماء الحديث من العبارات في صفة الاخبار، وأقسام الجرح والتعديل.
كما تناول الكلام في أحكام الأداء وشرائطه.
ومن بين الأبواب التي تناولها في موضوع الرواية - إلى جانب الموضوعات الأصلية - باب ذكر الرواية عمن لم يجز زيادة حرف واحد ولا حذفه، وإن كان لا يغير المعنى، وباب ذكر الرواية عمن لم يجز إبدال حرف بحرف وإن كانت صورتهما واحدة. وباب ذكر الرواية عمن لم يجز إبدال حرف بحرف وإن كانت صورتهما واحدة. وباب ذكر الرواية عمن لم يجز تقديم حرف على حرف.. وباب ذكر الرواية عمن كان لا يرى تخفيف حرف ثقيل ولا تثقيل حرف خفيف وإن كان المعنى فيهما واحدا. وباب ذكر الرواية عمن كان لا يرى رفع حرف منصوب ولا نصب حرف مرفوع أو مجرور وإن كان معناهما سواء وباب ذكر الحجة في إجازة رواية الحديث بالمعنى. وباب القول فيمن كان معوله على الرواية من كتبه لسوء حفظه وذكر الشرائط التي تلزمه... إلى غير ذلك من الأنواع التي تناول فيها قواعد الرواية وقوانينها، وأسند كل قاعدة إلى أصحابها بالاسناد القوى المتصل.
وهذا كله يطلعنا إلى أي مدي كانت همة أئمة الحديث وجهودهم وحرصهم وهذا الكتاب الذي نقدمه من أوائل الكتب التي صنفت في علوم الحديث، وقد خرج في طبعة هندية قوبلت على نسخة المكتبة الآصفية بحيدر آباد دكن.