ليس بفقيه والى من هو أفقه منه وكأنه قال إذا كان المبلغ أوعى من السامع وأفقه وكان السامع غير فقيه ولا ممن يعرف المعنى وجب عليه تأدية اللفظ ليستنبط معناه العالم الفقيه والا فلا وجه لهذا التعليل إن كان حال المبلغ والمبلغ سواء على أن رواة هذا الخبر نفسه قد رووه على المعنى فقال بعضهم رحم الله مكان نضر الله ومن سمع بدل امرأ سمع وروى مقالتي بدل منا حديثا وبلغه مكان أداه وروى فرب مبلغ أفقه من مبلغ مكان فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه لا فقه له مكان ليس بفقيه وألفاظ سوى هذه متغايرة تضمنها هذا الخبر وقد ذكرنا طرقه على الاستقصاء باختلاف ألفاظها في كتاب أفردناه لها والظاهر يدل ان هذا الخبر نقل على المعنى فلذلك اختلفت ألفاظه وإن كان معناها واحد والله أعلم واما رد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الرجل في الحديث الثاني قوله وبرسولك إلى وبنبيك الذي أرسلت فان النبي أمدح من الرسول ولكل واحد من هذين النعتين موضع ألا ترى ان اسم الرسول يقع على الكافة واسم النبي لا يتناول الا الأنبياء خاصة وإنما فضل المرسلون من الأنبياء لأنهم جمعوا النبوة والرسالة معا فلما قال وبنبيك الذي أرسلت جاء بأمدح النعت وهو النبوة ثم قيده بالرسالة حين قال الذي أرسلت وبيان آخر وهو أن قوله وبرسولك الذي أرسلت غير مستحسن لأنه يجتزأ بالقول الأول ان هذا رسول فلان عن أن يقول الذي أرسله إذ كان لا يفيد القول الثاني الا المعنى الأول وكان قوله وبنبيك الذي أرسلت يفيد الجمع بين النبوة والرسالة فلذلك امره النبي صلى الله عليه وآله وسلم به ورده إليه والله أعلم آخر الجزء السادس
(٢٣٧)