القرآن بمثل ذلك فان الله تعالى قص من أنباء ما قد سبق قصصا كرر ذكر بعضها في مواضع بألفاظ مختلفة والمعنى واحد ونقلها من ألسنتهم إلى اللسان العربي وهو مخالف لها في التقديم والتأخير والزيادة والنقصان ونحو ذلك وقد استدل المنكرون للرواية على المعنى بحصول الاتفاق على أن الشرع قد ورد بأشياء كثيرة قصد فيها الاتيان باللفظ والمعنى جميعا نحو التكبير والتشهد والاذان والشهادة وإذا كان كذلك لم ينكر أن يكون المطلوب بالحديث لفظه بعينه ومعناه جميعا فيقال لهم وبأي وجه وجب الحاق رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلفظه بالاذان والتشهد وغير ذلك مما يجرى مجراهما فلا يجدون متعلقا في ذلك ويقال أيضا لو أخذ علينا في رواية حديثه إيراد لفظه ومعناه لوجب ان يوقف عليه توقيفا يوجب العلم ويقطع العذر كالتوقيف لنا على الاذان والتشهد وفى عدم توقيف يحج مثله دلالة على فساد ما قلتم ثم يقال لهم ما الفصل بينكم وبين من قال لما حصل الاتفاق على إباحة الترجمة في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأوامره ونواهيه والاخبار عن جملة دينه وتفصيله وجب كذلك جواز روايته على المعنى باللفظ العربي الذي هو أقرب إلى لفظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الأعجمي فلا يجدون لذلك مدفعا واحتجوا أيضا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم نضر الله امرأ سمع منا حديثا فأداه كما سمعه وبقوله للذي علمه إذا اخذ مضجعه يقول آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت في الكلمات المشهورة فقال الرجل وبرسولك الذي أرسلت فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبنبيك الذي أرسلت قالوا لم يسوغ لمن علمه الدعاء مخالفة اللفظ فيقال لهم اما الحديث الأول فهو حجة عليكم لأنه قد علل فيه ونبه على ما يقول بقوله صلى الله عليه وآله وسلم فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه
(٢٣٦)