فقلت يا رسول الله إنه ليس أحد من أوليائي شاهدا فقال إنه ليس منهم شاهد ولا غائب يكره ذلك قالت قم يا عمر فزوج النبي صلى الله عليه وسلم فتزوجها فكان في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم خطبها إلى نفسها ففي ذلك دليل أن الامر في التزويج إليها دون أوليائها فإنما قالت له إنه ليس أحد من أوليائي شاهدا قال إنه ليس منهم شاهد ولا غائب يكره ذلك فقالت قم يا عمر فزوج النبي عليه السلام وعمر هذا ابنها وهو يومئذ طفل صغير غير بالغ لأنها قد قالت للنبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم في هذا الحديث إني امرأة ذات أيتام يعني عمر ابنها وزينب بنتها والطفل لا ولاية له فولته هي أن يعقد النكاح عليها ففعل فرآه النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم جائزا وكان عمر بتلك الوكالة قام مقام من وكله فصارت أم سلمة رضي الله عنها كأنها عقدت النكاح على نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ولما لم ينتظر النبي صلى الله عليه وسلم حضور أوليائها دل ذلك أن بضعها إليها دونهم ولو كان لهم في ذلك حق أو أمر لما أقدم النبي صلى الله عليه وسلم على حق هو لهم قبل إباحتهم ذلك له فإن قال قائل إن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم كان أولى بكل مؤمن من نفسه قيل له صدقت هو أولى به من نفسه يطيعه في أكثر مما يطيع فيه نفسه فأما أن يكون هو أولى به من نفسه في أن يعقد عليه عقدا بغير أمره من بيع أو نكاح أو غير ذلك فلا وإنما كان سبيله في ذلك صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم كسبيل الحكام من بعده ولو كان ذلك كذلك ك لكانت وكالة عمر إنما تكون من قبل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم لا مقبل أم سلمة لأنه هو وليها فلما لم يكن ذلك كذلك وكانت الوكالة إنما كانت مقبل أم سلمة فعقد بها النكاح فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم دل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم إنما كان ملك ذلك البضع بتمليك أم سلمة إياه لا بحق ولاية كانت له في بضعها أو لا ترى أنها قد قالت إنه ليس أحد من أوليائي شاهدا فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم إنه ليس أحد منهم شاهد ولا غائب يكره ذلك ولو كان هو أولى بها منهم لم يقل لها ذلك ولقال لها أنا وليك دونهم ولكنه لم ينكر ما قالت وقال لها إنهم لا يكرهون ذلك فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار
(١٢)