فأمنتهما أم هانئ رضي الله عنها ليحرم بذلك دماؤهما على علي رضي الله عنه ولم تقل له مالك إلى قتلهما من سبيل لأنهما وسائر أهل مكة في صلح وأمان ثم أخبرت أم هانئ رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان من علي رضي الله عنه وبما كان من جوار هذين المخزوميين فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت ولم يعنف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه في إرادته قتلهما قبل جوار أم هانئ إياهما فدل ذلك أنه لولا جوارها لصح قتلهما ومحال أن يكون له قتلهما وثمة أمان قائم وصلح متقدم لهما وهذا دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فأي شئ أبين من هذا ثم قد روى أبو هريرة رضي الله عنه في هذا الباب ما هو أبين من هذا حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم قال ثنا أمية بن موسى قال ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال أخبرنا سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح قال وفدنا إلى معاوية وفينا أبو هريرة فقال ألا أخبركما بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار ثم ذكر فتح مكة فقال أقبل النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة فبعث الزبير بن العوام على إحدى المجنبتين وبعث خالد بن الوليد على المجنبة الأخرى وبعث أبا عبيدة على الحيين فأخذوا بطن الوادي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة فنظر فرآني فقال يا أبا هريرة فقلت يا نبي الله قال اهتف لي بالأنصار ولا يأتني إلا أنصاري قال فهتف بهم حتى إذا طافوا به وقد وبشت قريش أوباشها وأتباعها فقالوا تقدم هؤلاء فإن كان لهم شئ كنا معهم وإن أصيبوا أعطينا الذي سألنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار حين طافوا به أنظروا إلى أوباش قريش وأتباعهم ثم قال بإحدى يديه على الأخرى احصدوهم حصادا حتى توافوني بالصفا فانطلقوا فما يشاء أحد منا أن يقتل ما شاء إلا قتل وما توجه إلينا أحد منهم فقال أبو سفيان يا رسول الله أبيحت خضراء قريش ولا قريش بعد اليوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم من أغلق بابه فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن فأغلق الناس أبوابهم وأقبل النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت فأتى على صنم إلى جنب البيت يعبدونه وفي يده قوس فهو آخذ بسية القوس فلما أن أتى على الصنم جعل يطعن في عينيه ويقول جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا
(٣٢٤)