قال قلت ويلك يا أبا سفيان إنها النبوة قال فنعم قال قلت التجأ إلى قومك أخرج إليهم حتى إذا جاءهم صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن فقامت إليه هند بنت عتبة بن ربيعة فأخذت شاربه فقالت اقتلوا الحميت الدسم فبئس طليعة قوم قال ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم وإنه قد جاء ما لا قبل لكم به من دخل دار أبي سفيان فهو آمن قالوا قاتلك الله وما يغني غناء دارك قال ومن أغلق عليه بابه فهو آمن فهذا حديث متصل الاسناد صحيح ما فيه معنى يدل على فتح مكة عنوة وينفي أن يكون صلحا ويثبت أن الهدنة التي كانت تقدمت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش قد كانت انقطعت وذهبت قبل ورود رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ألا يرى إلى قول العباس رضي الله عنه وا صباح قريش والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر أفترى العباس على فضل رأيه وعقله يتوهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعرض قريشا وهم منه في أمان وصلح وهدنة هذا من المحال الذي لا يجوز كونه ولا ينبغي لذي لب أو لذي عقل أو لذي دين أن يتوهم ذلك عليه ثم هذا العباس رضي الله عنه قد خاطب أبا سفيان بذلك فقال والله لئن ظفر بك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلنك والله إنه لهلاك قريش إن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة فلا يدفع أبو سفيان قوله ولا يقول له وما خوفي وخوف قريش من دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ونحن في أمان منه إنما يقصد بدخوله أن ينتصف خزاعة من بني نفاثة دون قريش وسائر أهل مكة ولم يقل له أبو سفيان ولم يضرب عنقي إذ قال له العباس رضي الله عنه والله لئن ظفر بك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضربن عنقك وأنا في أمان منه ثم هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى أبا سفيان يا رسول الله هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بلا عهد ولا عقد فدعني أضرب عنقه ولم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك عليه إذ كان أبو سفيان عنده ليس في أمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في صلح منه ثم لم يحاج أبو سفيان عمر رضي الله عنه بذلك ولا حاجة عنه العباس رضي الله عنه بل قال له العباس رضي الله عنه إني قد أجرته
(٣٢٢)