حلق الرأس حراما على المحرم في إحرامه إلا من عذر فإن حلقه فعليه الاثم والكفارة وإن اضطر إلى حلقه فعليه الكفارة ولا إثم عليه فكان العذر يسقط به الآثام ولا يسقط به الكفارات فكان يجب في النظر أن يكون كذلك حكم الطواف بالبيت إذا كان من طافه راكبا للزيارة لا من عذر فعليه دم إلا أن يكون من طافه من عذر راكبا كذلك أيضا فهذا حكم النظر في هذا الباب وهو قياس قول زفر ولكن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد لم يجعلوا على من طاف بالبيت طواف الزيارة راكبا من عذر شيئا فلما ثبت بالنظر ما ذكرنا كان كذلك المشي لما رأيناه قد يجب بعد فراغ الاحرام إذ كان من أسبابه كما يجب في الاحرام كان كذلك المشي الذي قبل الاحرام من أسباب الاحرام حكمه حكم المشي الواجب في الاحرام فكما كان على تارك المشي الواجب في الاحرام دم كان على تارك هذا المشي الواجب في الاحرام دم كان على تارك هذا المشي الواجب قبل الاحرام دم أيضا وذلك واجب عليه في حال قوته على المشي وفي حال عجزه عنه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد أيضا وذلك دليل لنا صحيح على ما بيناه من حكم الطواف بالحمل في حال القوة عليه وفي حال العجز عنه فإن قال قائل فإذا وجب عليه المشي بإيجابه على نفسه أن يحج ماشيا وكان ينبغي إذا ركب أن يكون في معنى ما لم يأت بما أوجب على نفسه فيكون عليه أن يحج بعد ذلك ماشيا فيكون كمن قال لله علي أن أصلي ركعتين قائما فصلاهما قاعدا فمن الحجة عندنا على قائل هذا القول أنا رأينا الصلوات المفروضات التي علينا أن نصليها قياما لو صليناها قعودا لا نعذر وجب علينا إعادتها وكنا في حكم من لم يصلها وكان من حج منا حجة الاسلام التي يجب علينا المشي في الطواف لها فطاف ذلك الطواف راكبا ثم رجع إلى أهله لم يجعل في حكم من لم يطف ويؤمر بالعود بل قد جعل في حكم من طاف وأجزأه طوافه ذلك إلا أنه جعل عليه دم لتقصيره فكذلك الصلاة الواجبة بالنذر والحج بالنذر هما مقيسان على الصلاة والحج الواجبين بإيجاب الله عز وجل فما كان من ذلك مما يجب بإيجاب الله يكون المقصر فيه في حكم تاركه كان كذلك ما يوجب عليه من ذلك الجنس بإيجابه إياه على نفسه فقصر فيه يكون بتقصيره فيه في حكم تاركه فعليه إعادته وما كان من ذلك مما يجب بإيجاب الله عليه مقصر فيه فلم يجب عليه إعادته ولم يكن بذلك التقصير في حكم تاركه كان كذلك ما وجب عليه من ذلك الجنس بإيجابه إياه على نفسه فقصر فيه فلا يكون بذلك التقصير في حكم تاركه فيجب عليه إعادته ولكنه في حكم فاعله وعليه لتقصيره ما يجب عليه من التقصير في أشكاله من الدماء وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
(١٣٢)