وخالف هؤلاء أيضا آخرون فقالوا بل نأمر هذا الذي نذر أن يحج ماشيا أن يركب ويكفر يمينه إن كان أراد يمينا ونأمره مع هذا بالهدي وكان من الحجة لهم في ذلك أن علي بن شيبة قد حدثنا قال ثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا همام بن يحيى عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عقبة بن عامر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أن أخته نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية ناشرة شعرها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مرها فلتركب ولتختمر ولتهد هديا حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عيسى بن إبراهيم قال ثنا عبد العزيز بن مسلم قال ثنا مطر الوراق عن عكرمة عن عقبة بن عامر الجهني قال نذرت أختي أن تمشي إلى الكعبة فأتى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما لهذه قالوا نذرت أن تمشي إلى الكعبة فقال إن الله لغني عن مشيها مرها فلتركب ولتهد بدنة ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالهدى لمكان ركوبها فتصحيح هذه الآثار كلها يوجب أن يكون حكم من نذر أن يحج ماشيا أن يركب إن أحب ذلك ويهدى هديا لتركه المشي ويكفر عن يمينه لحنثه فيها وبهذا كان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد يقولون وأما وجه النظر في ذلك فإن قوما قالوا ليس المشي فيما يوجبه نذر لان فيه تعبا للأبدان وليس الماشي في حال مشيه في حرمة إحرام فلم يوجبوا عليه المشي ولا بدلا من المشي فنظرنا في ذلك فرأينا الحج فيه الطواف بالبيت والوقوف بعرفة وبجمع وكان الطواف منه ما يفعله الرجل في حال إحرامه وهو طواف الزيارة ومنه ما يفعله بعد أن يحل من إحرامه وهو طواف الصدر وكان ذلك كله من أسباب الحج قد أريد أن يفعله الرجل ماشيا وكان من فعله راكبا مقصرا وجعل عليه الدم هذا إذا كان فعله لا من علة وإن كان فعله من علة فإن الناس مختلفون في ذلك فقال بعضهم لا شئ عليه وممن قال بذلك أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وقال بعضهم عليه دم وهذا هو النظر عندنا لان العلل إنما تسقط الآثام في انتهاك الحرمات ولا تسقط الكفارات ألا ترى أن قال ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله وكان
(١٣١)