السابقة لأن الحرمة في هذه النسخة مطلقة غير مقيدة بالضيافة بخلاف النسخ المتقدمة فإن الحرمة في جميعها مقيدة بالضيافة، وهذه النسخة هي التي ينطبق عليها حديث الباب انطباقا تاما بخلاف سائر النسخ السابقة كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى، فهذه النسخة أولى النسخ المذكورة كلها. كذا أفاد بعض الأماجد في تعليقات السنن.
وقال بعض الأعاظم: وأما قوله باب نسخ الضيف في الأكل من مال غيره، ففيه حذف المضاف وهو الحكم فحق العبارة باب نسخ حكم الضيف في الأكل من مال غيره وهو المنع المستفاد من قوله تعالى: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) لأن الآية عند ابن عباس ومن تبعه تدل على أن أكل مال الغير لا يجوز بوجه من الوجوه إلا أن تكون تجارة عن تراض منهم، فالتجارة بالتراضي هي الصورة المستثناة غير منهى عنها خاصة لا غيرها فدخل في الأكل المنهي عنه أكل الضيف والغني من بيوت الغير من دون التجارة فنسخ الله عز وجل ذلك الحكم بقوله تعالى (ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم - إلى قوله - أشتاتا) فرخص لهم في الأكل في هذه الصور المذكورة في الآية التي ليست فيها تجارة. هذا إن صح هذه النسخة وإلا فالأظهر أن في هذه الترجمة تصحيفا من بعض النساخ، والصحيح باب نسخ الضيق في الأكل من مال غيره كما في بعض النسخ وهو الذي لا غبار عليه والله أعلم انتهى.
(قال) ابن عباس في تفسير قوله تعالى الذي في النساء (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) يعني بالحرام الذي لا يحل في الشرع كالربا والقمار والغصب والسرقة والخيانة وشهادة الزور وأخذ المال باليمين الكاذبة ونحو ذلك، وإنما خص الأكل بالذكر ونهى عنه تنبيها على غيره من جميع التصرفات الواقعة على وجه الباطل لأن معظم المقصود من المال الأكل. وقيل يدخل فيه أكل مال نفسه بالباطل ومال غيره. أما أكل ماله بالباطل فهو إنفاقه في المعاصي وأما أكل مال غيره فقد تقدم معناه وقيل يدخل في أكل المال بالباطل جميع العقود الفاسدة، قاله الخازن.
قال السيوطي في الدر المنثور: أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن مسعود في قوله: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) قال: ((إنها محكمة ما نسخت ولا تنسخ إلى يوم القيامة)). وأخرج ابن جرير وابن حاتم عن السدي في الآية قال:
((أما أكلهم أموالهم بينهم بالباطل فالزنا والقمار والبخس والظلم إلا أن تكون تجارة فليرب الدرهم ألفا إن استطاع)) وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن في الآية قال كان الرجل يتحرج