(رجل من الأنصار) بالجر بدل بدل من عيسى (فقال اخنث الإداوة) في هذا دلالة على جواز الاختناث من فم الإداوة. وقد دل الحديث الأول على النهي عن ذلك.
قال الخطابي في المعالم يحتمل أن يكون النهي إنما جاء عن ذلك إذا شرب من السقاء الكبير دون الإداوة ونحوها، ويحتمل أن يكون إنما أباحه للضرورة والحاجة إليه في الوقت. وإنما النهي أن يتخذه الانسان دربة وعادة. وقد قيل إنما أمره بذلك لسعة فم السقاء لئلا ينصب عليه الماء. انتهى.
قال المنذري: وأخرجه الترمذي وقال هذا حديث ليس إسناده بصحيح، وعبد الله بن عمر العمري يضعف من قبل حفظه ولا أدري سمع من عيسى أم لا هذا آخر كلامه وأبو عيسى هذا هو عبد الله بن أنيس الأنصاري وهو غير عبد الله بن أنيس الجهني فرق بينهما علي بن المديني وخليفة بن خياط بن شباب وغيرهما.
(باب في الشرب من ثلمة القدح) بضم المثلثة وسكون اللام هي موضع الكسر منه (نهى رسول الله عن الشرب من ثلمة القدح).
قال الخطابي: إنما نهى عن الشراب من ثلمة القدح لأنه إذا شرب منه تصبب الماء وسال قطره على وجهه وثوبه، لأن الثلمة لا يتماسك عليها شفة الشارب كما يتماسك على الموضع الصحيح من الكوز والقدح. وقد قيل إنه مقعد الشيطان فيحتمل أن يكون المعنى في ذلك أن موضع الثلمة لا يناله التنظيف التام إذا غسل الإناء، فيكون شربه على غير نظافة، وذلك من فعل الشيطان وتسويله، وكذلك إذا خرج من الثلمة وأصاب وجهه وثوبه فإنما هو من إعنات الشيطان وإيذائه إياه والله أعلم (وأن ينفخ في الشراب) بصيغة المجهول، أي وعن النفخ في الشراب لما يخاف من خروج شئ من فمه.