يقول جميع ما يأوي إلى الماء فهو حلال فما كان منه يذكى لم يحل إلا بذكاة، وما كان منه لا يذكى مثل السمك حل حيا وميتا. وكره أبو حنيفة دواب البحر كلها إلا السمك. وقال سفيان الثوري: أرجو أن لا يكون بالسرطان بأس. وقال ابن وهب: سألت الليث بن سعد عن أكل خنزير الماء وكلب الماء وإنسان الماء ودواب الماء كلها فقال: أما انسان الماء فلا يؤكل على شئ من الحالات، والخنزير إذا سماه الناس خنزيرا فلا يؤكل وقد حرم الله تعالى الخنزير وأما الكلاب فليس بها بأس في البحر والبر.
قال الخطابي: لم يختلفوا أن المارماهي مباح أكله وهو يشبه الحيات، وتسمى أيضا حية البحر، فدل ذلك على بطلان اعتبار معنى الأسماء والأشباه في حيوان البحر، وإنما هي كلها سموك وإن اختلفت أشكالها وصورها، وقد قال الله سبحانه وتعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة) فدخل فيه ما يصاد من حيوانه لأنه لا يخص منه شئ إلا بدليل. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر فقال: ((طهور ماؤه حلال ميتته)) فلم يستثن شيئا منها دون شئ فقضية العموم توجب فيها الإباحة إلا ما استثناه الدليل. انتهى كلام الخطابي.
قال المنذري: وأخرجه مسلم.
(باب في الفأرة تقع في السمن) (أخبرنا سفيان) هو ابن عيينة وهكذا أي ألقوا ما حولها وكلوا أورده أكثر أصحاب ابن عيينة عنه كالحميدي ومسدد وغيرهما. ووقع في مسند إسحاق بن راهويه ومن طريقه أخرجه ابن حبان بلفظ: ((إن كان جامدا فألقوها وما حولها وكلوه وإن كان ذائبا فلا تقربوه)).
قال في الفتح: وهذه الزيادة في رواية ابن عيينة غريبة انتهى (ألقوا ما حولها) أي ما حول الفأرة، قيل: هذا إنما يكون إذا كان جامدا، وأما في المذاب فالكل حولها.